[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٩١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ الْمُقَلِّدِ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ قِرْوَاشٍ
هَذِهِ السَّنَةُ قَتَلَ حُسَامُ الدَّوْلَةِ الْمُقَلِّدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ الْعُقَيْلِيَّ غِيلَةً، قَتَلَهُ مَمَالِيكُ لَهُ تُرْكٌ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانَ كَانُوا قَدْ هَرَبُوا مِنْهُ، فَتَبِعَهُمْ وَظَفِرَ بِهِمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ وَقَطَعَ، وَأَعَادَ الْبَاقِينَ، فَخَافُوهُ عَلَى نُفُوسِهِمْ، فَاغْتَنَمَ بَعْضُهُمْ غَفْلَتَهُ وَقَتَلَهُ بِالْأَنْبَارِ، وَكَانَ قَدْ عَظُمَ أَمْرُهُ، وَرَاسَلَ وُجُوهَ الْعَسَاكِرِ بِبَغْدَاذَ وَأَرَادَ التَّغَلُّبَ عَلَى الْمَلِكِ، فَأَتَاهُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ.
وَلَمَّا قُتِلَ كَانَ وَلَدُهُ الْأَكْبَرُ قِرْوَاشٌ غَائِبًا، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُ وَخَزَائِنُهُ بِالْأَنْبَارِ، فَخَافَ نَائِبُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَهْرَوَيْهِ بَادِرَةَ الْجُنْدِ، فَرَاسَلَ أَبَا مَنْصُورِ بْنَ قُرَادٍ اللَّدِيدَ، وَكَانَ بِالسِّنْدِيَّةِ، فَاسْتَدْعَاهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: أَنَا أَجْعَلُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ قِرْوَاشٍ عَهْدًا، وَأُزَوِّجُهُ ابْنَتَكَ وَأُقَاسِمُكَ عَلَى مَا خَلَّفَهُ أَبُوهُ، وَنُسَاعِدُهُ عَلَى عَمِّهِ الْحَسَنِ إِنْ قَصَدَهُ وَطَمِعَ فِيهِ. فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَحَمَى الْخَزَائِنَ وَالْبَلَدَ.
وَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى قِرْوَاشٍ يَحُثُّهُ عَلَى الْوُصُولِ، فَوَصَلَ وَقَاسَمَهُ عَلَى الْمَالِ، وَأَقَامَ قُرَادٌ عِنْدَهُ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْمُسَيَّبِ جَمَعَ مَشَايِخَ عُقَيْلٍ، وَشَكَا قِرْوَاشًا إِلَيْهِمْ وَمَا صَنَعَ مَعَ قُرَادٍ، فَقَالُوا لَهُ: خَوْفُهُ مِنْكَ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَذَلَ مِنْ نَفْسِهِ الْمُوَافَقَةَ لَهُ، وَالْوُقُوفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute