بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[بَقِيَّةُ سَنَةِ ٢١٨ هـ]
ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ
هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرَّشِيدِ، بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَأْمُونِ، وَلَمَّا بُويِعَ لَهُ شَغَبَ الْجُنْدُ، وَنَادَوْا بِاسِمِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعْتَصِمُ فَأَحْضَرَهُ، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْجُنْدِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْحُبُّ الْبَارِدُ؟ قَدْ بَايَعْتُ عَمِّي، فَسَكَتُوا، وَأَمَرَ الْمُعْتَصِمُ بِخَرَابِ مَا كَانَ الْمَأْمُونُ أَمَرَ بِبِنَائِهِ مِنْ طُوَانَةَ، (مِمَّا نَذْكُرُهُ فِي عِدَّةِ حَوَادِثَ) ، وَحَمَلَ مَا أَطَاقَ مِنَ السِّلَاحِ وَالْآلَةِ الَّتِي بِهَا، وَأَحْرَقَ الْبَاقِيَ، وَأَعَادَ النَّاسَ الَّذِينَ بِهَا إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي لَهُمْ، وَانْصَرَفَ إِلَى بَغْدَادَ، وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمَأْمُونِ، فَقَدِمَهَا مُسْتَهَلَّ شَهْرِ رَمَضَانَ.
ذِكْرُ خِلَافِ فَضْلٍ عَلَى زِيَادَةِ اللَّهِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ الْأَغْلَبِ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، جَيْشًا لِمُحَارَبَةِ فَضْلِ بْنِ أَبِي الْعَنْبَرِ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ مُخَالِفًا لِزِيَادَةِ اللَّهِ، فَاسْتَمَدَّ فَضْلٌ بِعَبْدِ السَّلَامِ بْنِ الْمُفَرِّجِ الرَّبْعِيِّ، وَكَانَ أَيْضًا مُخَالِفًا مِنْ عَهْدِ فِتْنَةِ مَنْصُورٍ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا مَعَ عَسْكَرِ زِيَادَةِ اللَّهِ، وَجَرَى بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ قِتَالٌ شَدِيدٌ عِنْدَ مَدِينَةِ الْيَهُودِ بِالْجَزِيرَةِ، فَقُتِلَ عَبْدُ السَّلَامِ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى زِيَادَةِ اللَّهِ.
وَسَارَ فَضْلُ بْنُ أَبِي الْعَنْبَرِ إِلَى مَدِينَةِ تُونِسَ، فَدَخَلَهَا، وَامْتَنَعَ بِهَا، فَسَيَّرَ زِيَادَةُ اللَّهِ إِلَيْهِ جَيْشًا فَحَصَرُوا فَضْلًا بِهَا، وَضَيَّقُوا عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحُوهَا مِنْهُ، وَقُتِلَ وَقْتَ دُخُولِ الْعَسْكَرِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، مِنْهُمْ: عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، وَكَانَ دَخَلَ فِي بَيْتِهِ لَمْ يُقَاتِلْ، فَدَخَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute