للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

٥٨٤ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

ذِكْرُ حَصْرِ صَلَاحِ الدِّينِ كَوْكَبَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَفِي الْمُحَرَّمِ، انْحَسَرَ الشِّتَاءُ، فَسَارَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ عَكَّا فِيمَنْ تَخَلَّفَ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى قَلْعَةِ كَوْكَبَ، فَحَصَرَهَا، وَنَازَلَهَا، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ مُلْكَهَا سَهْلٌ، وَأَنَّ أَخْذَهَا، وَهُوَ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ، مُتَيَسِّرٌ، فَلَمَّا رَآهَا عَالِيَةً مَنِيعَةً [أَدْرَكَ أَنَّ] الْوُصُولَ إِلَيْهَا مُتَعَذِّرٌ.

وَكَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا وَمِنْ صَفَدَ وَالْكَرَكِ الْمُقِيمُ الْمُقْعِدُ، لِأَنَّ الْبِلَادَ السَّاحِلِيَّةَ، مِنْ عَكَّا إِلَى جِهَةِ الْجَنُوبِ، كَانَتْ قَدْ مَلَكَ جَمِيعَهَا مَا عَدَا هَذِهِ الْحُصُونَ، وَكَانَ يَخْتَارُ أَنْ لَا يَبْقَى فِي وَسَطِهَا مَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ، وَيُقَسِّمُ هَمَّهُ، وَيَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِهِ، وَلِئَلَّا يَنَالَ الرَّعَايَا وَالْمُجْتَازِينَ مِنْهُمُ الضَّرَرُ الْعَظِيمُ.

فَلَمَّا حَصَرَ كَوْكَبَ، وَرَآهَا مَنِيعَةً، يُبْطِئُ مُلْكُهَا وَأَخْذُهَا، رَحَلَ عَنْهَا، وَجَعَلَ عَلَيْهَا قَايْمَازْ النَّجْمِيَّ مُسْتَدِيمًا لِحِصَارِهِ. وَكَانَ رَحِيلُهُ عَنْهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَأَتَاهُ رُسُلُ الْمَلِكِ قَلْج أَرَسِلَانَ. وَقُزَل أَرْسِلَانَ وَغَيْرِهِمَا. يُهَنِّئُونَهُ بِالْفَتْحِ وَالظَّفَرِ، وَسَارَ مِنْ كَوْكَبَ إِلَى دِمَشْقَ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِقُدُومِهِ. وَكَتَبَ إِلَى الْبِلَادِ جَمِيعِهَا بِاجْتِمَاعِ الْعَسَاكِرِ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ سَارَ إِلَى السَّاحِلِ.

ذِكْرُ رَحِيلِ صَلَاحِ الدِّينِ إِلَى بَلَدِ الْفِرِنْجِ

لَمَّا أَرَادَ صَلَاحُ الدِّينِ الْمَسِيرَ عَنْ دِمَشْقَ حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي الْفَاضِلِ مُوَدِّعًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>