[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَة]
٦١٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ خُرُوجِ التَّتَرِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ
لَقَدْ بَقِيتُ عِدَّةَ سِنِينَ مُعْرِضًا عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ اسْتِعْظَامًا لَهَا، كَارِهًا لِذِكْرِهَا، فَأَنَا أُقَدِّمُ إِلَيْهِ رِجْلًا وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى، فَمَنِ الَّذِي يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ نَعْيَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ؟ وَمَنِ الَّذِي يَهُونُ عَلَيْهِ
ذِكْرُ ذَلِكَ؟ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَيَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ حُدُوثِهَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، إِلَّا أَنَّنِي حَثَّنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ عَلَى تَسْطِيرِهَا وَأَنَا مُتَوَقِّفٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لَا يُجْدِي نَفْعًا، فَنَقُولُ: هَذَا الْفِعْلُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الْحَادِثَةِ الْعُظْمَى، وَالْمُصِيبَةِ الْكُبْرَى الَّتِي عَقَّتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي عَنْ مِثْلِهَا، عَمَّتِ الْخَلَائِقَ، وَخَصَّتِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْعَالَمَ مُذْ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آدَمَ، إِلَى الْآنِ، لَمْ يُبْتَلَوْا بِمِثْلِهَا، لَكَانَ صَادِقًا، فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتَضَمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا وَلَا مَا يُدَانِيهَا.
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَذْكُرُونَ مِنَ الْحَوَادِثِ مَا فَعَلَهُ بُخْتُ نَصَّرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْقَتْلِ، وَتَخْرِيبِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَا الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا خَرَّبَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِنُ مِنَ الْبِلَادِ، الَّتِي كَلُّ مَدِينَةٍ مِنْهَا أَضْعَافُ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ قَتَلُوا، فَإِنَّ أَهْلَ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ قُتِلُوا أَكْثَرُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَعَلَّ الْخَلْقَ لَا يَرَوْنَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَالَمُ، وَتَفْنَى الدُّنْيَا، إِلَّا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ، وَيُهْلِكُ مَنْ خَالَفَهُ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُبْقُوا عَلَى أَحَدٍ، بَلْ قَتَلُوا النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ وَالْأَطْفَالَ، وَشَقُّوا بُطُونَ الْحَوَامِلِ، وَقَتَلُوا الْأَجِنَّةَ، فَإِنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute