[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
٥٢٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ مَدِينَةَ سَمَرْقَنْدَ مِنْ مُحَمَّدْ خَانْ، وَمُلْكِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدْ خَانَ الْمَذْكُورِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، مَلَكَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ مَدِينَةَ سَمَرْقَنْدَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ رَتَّبَ فِيهَا لَمَّا مَلَكَهَا أَوَّلًا أَرْسِلَانْ خَانْ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ بَغْرَاخَانْ دَاوُدَ، فَأَصَابَهُ فَالِجٌ فَاسْتَنَابَ ابْنًا لَهُ يُعْرَفُ بِنَصْرِخَانْ، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، وَكَانَ بِسَمَرْقَنْدَ إِنْسَانٌ عَلَوِيٌّ فَقِيهٌ مُدَرِّسٌ، إِلَيْهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ وَالْحُكْمُ فِي الْبَلَدِ، فَاتَّفَقَ هُوَ وَرَئِيسُ الْبَلَدِ عَلَى قَتْلِ نَصْرِخَانْ، فَقَتَلَاهُ لَيْلًا، وَكَانَ أَبُوهُ مُحَمَّدْ خَانْ غَائِبًا، فَعَظُمَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ آخَرُ غَائِبٌ فِي بِلَادِ تُرْكِسْتَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَاسْتَدْعَاهُ، فَلَمَّا قَارَبَ سَمَرْقَنْدَ خَرَجَ الْعَلَوِيُّ وَرَئِيسُ الْبَلَدِ إِلَى اسْتِقْبَالِهِ، فَقَتَلَ الْعَلَوِيَّ فِي الْحَالِ، وَقَبَضَ عَلَى الرَّئِيسِ.
وَكَانَ وَالِدُهُ أَرْسِلَانْ خَانْ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ سَنْجَرَ رَسُولًا يَسْتَدْعِيهِ ; ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ ابْنَهُ لَا يَتِمُّ أَمْرُهُ مَعَ الْعَلَوِيِّ وَالرَّئِيسِ، فَتَجَهَّزَ سَنْجَرُ، وَسَارَ يُرِيدُ سَمَرْقَنْدَ، فَلَمَّا ظَفِرَ ابْنُ أَرْسِلَانْ خَانْ بِهِمَا نَدَمَ عَلَى اسْتِدْعَائِهِ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يُعَرِّفُهُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِالْعَلَوِيِّ وَالرَّئِيسِ، وَأَنَّهُ وَابْنَهُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَيَسْأَلُهُ الْعَوْدَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَغَضِبَ سَنْجَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَامَ أَيَّامًا، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الصَّيْدِ إِذْ رَأَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فِي السِّلَاحِ التَّامِّ، فَقَبَضَ عَلَيْهِمْ وَعَاقَبَهُمْ، فَأَقَرُّوا أَنَّ مُحَمَّدْ خَانْ أَرْسَلَهُمْ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَتَلَهُمْ ثُمَّ سَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ فَمَلَكَهَا عَنْوَةً، وَنَهَبَ بَعْضَهَا وَمُنِعَ مِنَ الْبَاقِي، وَتَحَصَّنَ مِنْهُ مُحَمَّدْ خَانْ بِبَعْضِ تِلْكَ الْحُصُونِ، فَاسْتَنْزَلَهُ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ بِأَمَانٍ بَعْدَ مُدَّةٍ، فَلَمَّا نَزَلَ إِلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى ابْنَتِهِ زَوْجَةِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، فَبَقِيَ عِنْدَهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
وَأَقَامَ سَنْجَرُ بِسَمَرْقَنْدَ مُدَّةً حَتَّى أَخَذَ الْمَالَ وَالسِّلَاحَ وَالْخَزَائِنَ، وَسَلَّمَ الْبَلَدَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute