[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٧٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَتْ فِتْنَةٌ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ الدَّيْلَمِ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ أَسْفَارَ بْنَ كَرْدَوَيْهِ، وَهُوَ مَنْ أَكَابِرِ الْقُوَّادِ، اسْتُنْفِرَ مِنْ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، وَاسْتَمَالَ كَثِيرًا مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى طَاعَةِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُوَلُّوا الْأَمِيرَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ أَبَا نَصْرِ بْنَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ (الْعِرَاقَ نِيَابَةً عَنْ أَخِيهِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ) .
وَكَانَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ مَرِيضًا، فَتَمَكَّنَ أَسْفَارٌ مِنَ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ، وَتَأَخَّرَ عَنِ الدَّارِ، وَرَاسَلَهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ يَسْتَمِيلُهُ وَيُسَكِّنُهُ، فَمَا زَادَهُ إِلَّا تَمَادِيًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ رَاسَلَ الطَّائِعَ يَطْلُبُ مِنْهُ الرُّكُوبَ مَعَهُ، وَكَانَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ قَدْ أَبَلَّ مِنْ مَرَضِهِ، فَامْتَنَعَ الطَّائِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَشَرَعَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ، وَاسْتَمَالَ فُولَاذَ زَمَانْدَارَ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِأَسْفَارَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَأْنَفُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ لِكِبَرِ شَأْنِهِ. فَلَمَّا رَاسَلَهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ أَجَابَهُ، وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى مَا أَرَادَ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَاتَلَ أَسْفَارَ، فَهَزَمَهُ فُولَاذٌ، وَأُخِذَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ أَسِيرًا، وَأُحْضِرَ عِنْدَ أَخِيهِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، فَرَقَّ لَهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ، فَاعْتَقَلَهُ مُكَرَّمًا، وَكَانَ عُمْرُهُ حِينَئِذٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَثَبَتَ أَمْرُ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، وَسَعَى إِلَيْهِ بِابْنِ سَعْدَانَ الَّذِي كَانَ وَزِيرَهُ، فَعَزَلَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute