وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ هَوَاهُ مَعَهُمْ، فَقَتَلَ وَمَضَى أَسْفَارُ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَاتَّصَلَ بِالْأَمِيرِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَخَدَمَهُ، وَسَارَ بَاقِي الْعَسْكَرِ إِلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَ إِسْحَاقُ وَجَعْفَرٌ الْبَحْرِيَّانِ، وَهُمَا مِنَ السِّتَّةِ الْقَرَامِطَةِ الَّذِينَ يُلَقَّبُونَ بِالسَّادَةِ، فَمَلَكَا الْكُوفَةَ وَخَطَبَا لِشَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ لِمَا فِي النُّفُوسِ مِنْ هَيْبَتِهِمْ وَبَأْسِهِمْ وَكَانَ لَهُمْ مِنَ الْهَيْبَةِ مَا إِنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَبَخْتِيَارُ أَقْطَعَاهُمُ الْكَثِيرَ.
وَكَانَ نَائِبُهُمْ بِبَغْدَاذَ يُعْرَفُ بِأَبِي بَكْرِ بْنِ شَاهَوَيْهِ يَتَحَكَّمُ تَحَكُّمَ الْوُزَرَاءِ فَقَبَضَ عَلَيْهِ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا وَرَدَ الْقَرَامِطَةُ الْكُوفَةَ كَتَبَ إِلَيْهِمَا صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ يَتَلَطَّفُهُمَا وَيَسْأَلُهُمَا عَنْ سَبَبِ حَرَكَتِهِمَا، فَذَكَرَا أَنَّ قَبْضَ نَائِبِهِمْ هُوَ السَّبَبُ فِي قَصْدِهِمْ بِلَادَهُ، وَبَثَّا أَصْحَابَهُمَا وَجَبَيَا الْمَالَ.
وَوَصَلَ أَبُو قَيْسٍ الْحَسَنُ بْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى الْجَامِعَيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِهِمْ، فَأَرْسَلَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ الْعَسَاكِرَ وَمَعَهُمُ الْعَرَبُ فَعَبَرُوا الْفُرَاتَ إِلَيْهِ وَقَاتَلُوهُ فَانْهَزَمَ عَنْهُمْ، وَأُسِرَ أَبُو قَيْسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِهِمْ فَقُتِلُوا فَعَادَ الْقَرَامِطَةُ وَسَيَّرُوا جَيْشًا آخَرَ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ وَعُدَّةٍ فَالْتَقَوْا هُمْ وَعَسَاكِرُ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ بِالْجَامِعَيْنِ أَيْضًا، فَأَجْلَتِ الْوَقْعَةُ عَنْ هَزِيمَةِ الْقَرَامِطَةِ، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُمْ وَغَيْرُهُ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ، وَنُهِبَ سَوَادُهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَى الْكُوفَةِ رَحَلَ الْقَرَامِطَةُ وَتَبِعَهُمُ الْعَسْكَرُ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ فَلَمْ يُدْرِكُوهُمْ وَزَالَ مِنْ حِينَئِذٍ نَامُوسُهُمْ.
ذِكْرُ الْإِفْرَاجِ عَنْ وَرْدٍ الرُّومِيِّ وَمَا صَارَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ وَدُخُولِ الرُّوسِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَفْرَجَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ عَنْ وَرْدٍ الرُّومِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حَبْسِهِ. فَلَمَّا كَانَ الْآنَ أَفْرَجَ عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ إِطْلَاقَ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute