الْأُجَاجِ، يَجْرِي إِلَيْهَا مَا جَرَى فِي مِثْلِ مَرِيءِ النَّعَامَةِ، دَارُنَا فَعْمَةٌ، وَوَظِيفَتُنَا ضَيِّقَةٌ، وَعَدَدُنَا كَثِيرٌ، وَأَشْرَافُنَا قَلِيلٌ، وَأَهْلُ الْبَلَاءِ فِينَا كَثِيرٌ، وَدِرْهَمُنَا كَبِيرٌ، وَقَفِيزُنَا صَغِيرٌ، وَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَزَادَنَا فِي أَرْضِنَا، فَوَسِّعْ عَلَيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَزِدْنَا وَظِيفَةً تُوَظَّفُ عَلَيْنَا وَنَعِيشُ بِهَا. فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ قَوْلَهُ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَأَقْطَعَهُمْ مِمَّا كَانَ فَيْئًا لِأَهْلِ كِسْرَى وَزَادَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْفَتَى سَيِّدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَكَتَبَ إِلَى عُتْبَةَ فِيهِ بِأَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ وَيَرْجِعَ إِلَى رَأْيِهِ، وَرَدَّهُمْ إِلَى بَلَدِهِمْ.
وَبَيْنَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِمْ مَعَ الْهُرْمُزَانِ، وَقَعَ بَيْنَ الْهُرْمُزَانِ وَغَالِبٍ وَكُلَيْبٍ فِي حُدُودِ الْأَرَضِينَ اخْتِلَافٌ، فَحَضَرَ سُلْمَى وَحَرْمَلَةُ لِيَنْظُرَا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَوَجَدَا غَالِبًا وَكُلَيْبًا مُحِقَّيْنِ وَالْهُرْمُزَانَ مُبْطِلًا، فَحَالَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ، فَكَفَرَ الْهُرْمُزَانُ وَمَنَعَ مَا قِبَلَهُ، وَاسْتَعَانَ بِالْأَكْرَادِ وَكَفَّ جُنْدَهُ، وَكَتَبَ سُلْمَى وَمَنْ مَعَهُ إِلَى عُتْبَةَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ عُتْبَةُ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَأْمُرُهُ بِقَصْدِهِ، وَأَمَدَّ الْمُسْلِمِينَ بِحُرْقُوصِ بْنِ زُهَيْرٍ السَّعْدِيِّ، كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّرَهُ عَلَى الْقِتَالِ وَعَلَى مَا غَلَبَ عَلَيْهِ. وَسَارَ الْهُرْمُزَانُ وَمَنْ مَعَهُ، وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جِسْرِ سُوقِ الْأَهْوَازِ وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ: إِمَّا أَنْ تَعْبُرَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ: اعْبُرُوا إِلَيْنَا، فَعَبَرُوا فَوْقَ الْجِسْرِ فَاقْتَتَلُوا مِمَّا يَلِي سُوقَ الْأَهْوَازِ، فَانْهَزَمَ الْهُرْمُزَانُ وَسَارَ إِلَى رَامَهُرْمُزَ، وَفَتَحَ حُرْقُوصٌ سُوقَ الْأَهْوَازِ، وَنَزَلَ بِهَا وَاتَّسَعَتْ لَهُ بِلَادُهَا إِلَى تُسْتَرَ، وَوَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى عُمَرَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْأَخْمَاسَ.
[ذكر صُلْحِ الْهُرْمُزَانِ وَأَهْلِ تُسْتَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَتْ تُسْتَرُ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قِيلَ: وَلَمَّا انْهَزَمَ الْهُرْمُزَانُ يَوْمَ سُوقِ الْأَهْوَازِ وَافْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ بَعَثَ حُرْقُوصٌ جَزَءَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِي أَثَرِهِ بِأَمْرِ عُمَرَ إِلَى سُوقِ الْأَهْوَازِ، فَمَا زَالَ يَقْتُلُهُمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَرْيَةِ الشَّغَرِ وَيُعْجِزُهُ الْهُرْمُزَانُ، فَمَالَ جَزَءٌ إِلَى دَوْرَقَ، وَهِيَ مَدِينَةُ سُرَّقَ، فَأَخَذَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute