للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٩٢ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ وَقْعَةٍ لِيَمِينِ الدَّوْلَةِ بِالْهِنْدِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْقَعَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِجِيبَالَ مَلِكِ الْهِنْدِ وَقْعَةً عَظِيمَةً.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَغَلَ بِأَمْرِ خُرَاسَانَ وَمُلْكَهَا، وَفَرَغَ مِنْهَا وَمِنْ قِتَالِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ، وَخَلَا وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ، أَحَبَّ أَنْ يَغْزُوَ الْهِنْدَ غَزْوَةً تَكُونُ كَفَّارَةً لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَثَنَى عِنَانَهُ نَحْوَ تِلْكَ الْبِلَادِ، فَنَزَلَ عَلَى مَدِينَةِ بَرْشُورَ، فَأَتَاهُ عَدُوُّ اللَّهِ جِيبَالُ مَلِكُ الْهِنْدِ فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ، فَاخْتَارَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مِنْ عَسَاكِرِهِ وَالْمُطَّوَّعَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَسَارَ نَحْوَهُ، فَالْتَقَوْا فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاقْتَتَلُوا، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ.

فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ انْهَزَمَ الْهِنْدُ، وَقُتِلَ فِيهِمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأُسِرَ جِيبَالُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَلِيلَةً، وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً، وَأُخِذَ مِنْ عُنُقِ (عَدُوِّ اللَّهِ) جِيبَالَ قِلَادَةٌ مِنَ الْجَوْهَرِ الْعَدِيمِ النَّظِيرِ قُوِّمَتْ بِمِائَتَيْ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأُصِيبَ أَمْثَالُهَا فِي أَعْنَاقِ مُقَدَّمِي الْأَسْرَى، وَغَنِمُوا خَمْسَمِائَةِ أَلْفَ رَأْسٍ مِنَ الْعَبِيدِ، وَفَتَحَ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ بِلَادًا كَثِيرَةً، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَزَوَاتِهِ أَحَبَّ أَنْ يُطْلِقَ جِيبَالَ لِيَرَاهُ الْهُنُودُ فِي شِعَارِ الذُّلِّ، فَأَطْلَقَهُ بِمَالٍ، قَرَّرَهُ عَلَيْهِ، فَأَدَّى الْمَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>