[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةً]
١٢٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةً
ذِكْرُ مَقْتَلِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَدْ ذُكِرَ سَبَبُ مُقَامِهِ بِالْكُوفَةِ وَبَيْعَتُهُ بِهَا.
فَلَمَّا أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْخُرُوجِ، وَأَخَذَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْوَفَاءَ لَهُ بِالْبَيْعَةِ يَتَجَهَّزُ، انْطَلَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ سُرَاقَةَ الْبَارِقِيُّ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَبَعَثَ يُوسُفُ فِي طَلَبِ زَيْدٍ فَلَمْ يُوجَدْ، وَخَافَ زَيْدٌ أَنْ يُؤْخَذَ فَيَتَعَجَّلَ قَبْلَ الْأَجَلِ الَّذِي جَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَعَلَى الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ، وَعَلَى شُرْطَتِهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ الْقَارَةِ وَمَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِالْحِيرَةِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ أَمْرُهُ، وَأَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ أَمْرِهِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِهِمْ وَقَالُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ، مَا قَوْلُكَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ زَيْدٌ: رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَقُولُ فِيهِمَا إِلَّا خَيْرًا، وَإِنَّ أَشَدَّ مَا أَقُولُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ أَنَّا كُنَّا أَحَقَّ بِسُلْطَانِ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَدَفَعُونَا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِهِمْ كُفْرًا، وَقَدْ وُلُّوا فَعَدَلُوا فِي النَّاسِ وَعَمِلُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالُوا: فَلِمَ يَظْلِمُكَ هَؤُلَاءِ إِذَا كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَظْلِمُوكَ، فَلِمَ تَدْعُو إِلَى قِتَالِهِمْ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا كَأُولَئِكَ، هَؤُلَاءِ ظَالِمُونَ لِي وَلَكُمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا نَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى السُّنَنِ أَنْ تُحْيَا، وَإِلَى الْبِدَعِ أَنْ تُطْفَأَ، فَإِنْ أَجَبْتُمُونَا سَعِدْتُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ. فَفَارَقُوهُ وَنَكَثُوا بَيْعَتَهُ وَقَالُوا: سَبَقَ الْإِمَامُ، يَعْنُونَ مُحَمَّدًا الْبَاقِرَ، وَكَانَ قَدْ مَاتَ، وَقَالُوا: جَعْفَرٌ ابْنُهُ إِمَامُنَا الْيَوْمَ بَعْدَ أَبِيهِ، فَسَمَّاهُمْ زَيْدٌ الرَّافِضَةَ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ سَمَّاهُمُ الرَّافِضَةَ حَيْثُ فَارَقُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute