[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ]
١٤٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ حَرْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
فِيهَا أَغَارَ أَسْتَرْخَانُ الْخَوَارِزْمِيُّ فِي جَمْعٍ مِنَ التُّرْكِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِنَاحِيَةِ إِرْمِينِيَّةَ وَسَبَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ خَلْقًا وَدَخَلُوا تَفْلِيسَ، وَكَانَ حَرْبٌ مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ فِي أَلْفَيْنِ مِنَ الْجُنْدِ لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ بِالْجَزِيرَةِ، وَسَيَّرَ الْمَنْصُورُ إِلَى مُحَارَبَةِ التُّرْكِ جَبْرَائِيلَ بْنَ يَحْيَى وَحَرْبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَهُزِمَ جَبْرَائِيلُ وَقُتِلَ حَرْبٌ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ جَبْرَائِيلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
ذِكْرُ الْبَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ وَخَلْعِ عِيسَى بْنِ مُوسَى
وَفِيهَا خَلَعَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ وَبُويِعَ لِلْمَهْدِيِّ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَنْصُورِ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الَّذِي خَلَعَ لِأَجْلِهِ نَفْسَهُ، فَقِيلَ: إِنَّ عِيسَى لَمْ يَزَلْ عَلَى وِلَايَةِ الْعَهْدِ وَإِمَارَةِ الْكُوفَةِ مِنْ أَيَّامِ السَّفَّاحِ إِلَى الْآنَ، فَلَمَّا كَبِرَ الْمَهْدِيُّ وَعَزَمَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْبَيْعَةِ لَهُ كَلَّمَ عِيسَى بْنَ مُوسَى فِي ذَلِكَ، وَكَانَ يُكْرِمُهُ وَيُجْلِسُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَيُجْلِسُ الْمَهْدِيَّ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ فِي مَعْنَى خَلْعِ نَفْسِهِ وَتَقْدِيمِ الْمَهْدِيِّ عَلَيْهِ أَبَى وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ بِالْأَيْمَانِ عَلَيَّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟ لَيْسَ إِلَى الْخَلْعِ سَبِيلٌ! .
فَتَغَيَّرَ الْمَنْصُورُ عَلَيْهِ وَبَاعَدَهُ بَعْضَ الْمُبَاعَدَةِ، وَصَارَ يَأْذَنُ لِلْمَهْدِيِّ قَبْلَهُ، وَكَانَ يَجْلِسُ عَنْ يَمِينِهِ فِي مَجْلِسِ عِيسَى ثُمَّ يُؤْذَنُ لِعِيسَى فَيَدْخُلُ فَيَجْلِسُ إِلَى جَانِبِ الْمَهْدِيِّ، وَلَمْ يَجْلِسْ عَنْ يَسَارِ الْمَنْصُورِ، فَاغْتَاظَ مِنْهُ ثُمَّ صَارَ يَأْذَنُ لِلْمَهْدِيِّ وَلِعَمِّهِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى، وَرُبَّمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ، إِلَّا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْإِذْنِ لِلْمَهْدِيِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَتَوَهَّمَ عِيسَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ إِذْنَهُمْ لِحَاجَةٍ لَهُ إِلَيْهِمْ، وَعِيسَى صَامِتٌ لَا يَشْكُو، ثُمَّ صَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute