[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥٦٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، تَاسِعَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، تُوُفِّيَ الْمُسْتَنْجِدُ بِاللَّهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ يُوسُفُ بْنُ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَاقِي النَّسَبِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، اسْمُهَا طَاوُسُ، وَقِيلَ نَرْجِسُ، رُومِيَّةٌ، وَمَوْلِدُهُ مُسْتَهَلُّ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهْرًا وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ أَسْمَرَ، تَامَّ الْقَامَةِ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ مَرِضَ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَكَانَ قَدْ خَافَهُ أُسْتَاذُ الدَّارِ عَضُدُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَقُطْبُ الدِّينِ قَايْمَازُ الْمَقْتَفَوِيُّ، وَهُوَ حِينَئِذٍ أَكْبَرُ أَمِيرٍ بِبَغْدَادَ، فَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ الْخَلِيفَةِ اتَّفَقَا، وَوَضَعَا الطَّبِيبَ عَلَى أَنْ يَصِفَ لَهُ مَا يُؤْذِيهِ، فَوَصَفَ لَهُ دُخُولَ الْحَمَّامِ، فَامْتَنَعَ لِضَعْفِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَمَاتَ.
وَهَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَعْلَمُ الْحَالَ، وَقِيلَ إِنَّ الْخَلِيفَةَ كَتَبَ إِلَى وَزِيرِهِ مَعَ طَبِيبِهِ ابْنِ صَفِيَّةَ يَأْمُرُهُ بِالْقَبْضِ عَلَى أُسْتَاذِ الدَّارِ وَقُطْبِ الدِّينِ وَصَلْبِهِمَا، فَاجْتَمَعَ ابْنُ صَفِيَّةَ بِأُسْتَاذِ الدَّارِ، وَأَعْطَاهُ خَطَّ الْخَلِيفَةِ، فَقَالَ لَهُ: تَعُودُ وَتَقُولُ إِنَّنِي أَوْصَلْتُ الْخَطَّ إِلَى الْوَزِيرِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَحْضَرَ أُسْتَاذَ الدَّارِ قُطْبَ الدِّينِ وَيَزْدِنَ وَأَخَاهُ تَنَامِشَ، وَعَرَضَ الْخَطَّ عَلَيْهِمْ، فَاتَّفَقُوا عَلَى قَتْلِ الْخَلِيفَةِ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ يَزْدِنُ وَقَايْمَازُ الْحُمَيْدِيُّ، فَحَمَلَاهُ إِلَى الْحَمَّامِ وَهُوَ يَسْتَغِيثُ وَأَلْقَيَاهُ، وَأَغْلَقَا الْبَابَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَصِيحُ إِلَى أَنْ مَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَانَ وَزِيرُهُ حِينَئِذٍ أَبَا جَعْفَرِ بْنَ الْبَلَدِيِّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أُسْتَاذِ الدَّارِ عَضُدِ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute