فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةَ جَهَّزَ إِلَيْهِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْعَسَاكِرَ الْكَثِيرَةَ مَعَ أَخِيهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، فَجَاسُوا بِلَادَهُ وَخَرَّبُوهَا، وَأَخَذُوا مَدِينَتَيْنِ مِنْ بِلَادِهِ، وَأَخَافُوا عَسَاكِرَهُ وَجُنُودَهُ، وَأَقَامُوا بِبِلَادِهِ مُدَّةً يَنْتَقِلُونَ فِيهَا وَيَجْبُونَ أَمْوَالَهَا.
ذِكْرُ وَفَاةِ صَاحِبِ كَرْمَانَ وَالْخُلْفِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ طُغْرُلُ بْنُ قَاوَرْتَ صَاحِبُ كَرْمَانَ، وَاخْتَلَفَ أَوْلَادُهُ بَهْرَام شَاهْ وَأَرْسِلَان شَاهْ، وَهُوَ الْأَكْبَرُ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا قِتَالٌ انْهَزَمَ فِيهِ بَهْرَام شَاهْ وَمَعَهُ أَخٌ لَهُ اسْمُهُ تُرْكَان شَاهْ، فَمَلَكَ الْبِلَادَ أَرْسِلَان شَاهْ، وَمَضَى بَهْرَام شَاهْ إِلَى خُرَاسَانَ، فَدَخَلَ عَلَى الْمُؤَيَّدِ صَاحِبِ نَيْسَابُورَ وَاسْتَنْجَدَهُ، فَأَنْجَدَهُ بِعَسَاكِرَ سَارَ بِهَا إِلَى كَرْمَانَ، فَجَرَى بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ حَرْبٌ ظَفِرَ فِيهَا بَهْرَام شَاهْ، [وَهَرَبَ أَرْسِلَان شَاهْ، فَقَصَدَ أَصْفَهَانَ مُسْتَجِيرًا بِإِيلْدِكْزَ، فَأَنْفَذَ مَعَهُ عَسْكَرًا، وَاسْتَنْقَذُوا الْبِلَادَ مِنْ بَهْرَام شَاهْ وَسَلَّمُوهَا إِلَى أَخِيهِ أَرْسِلَان شَاهْ فَعَادَ] بَهْرَام شَاهْ إِلَى نَيْسَابُورَ مُسْتَجِيرًا بِالْمُؤَيَّدِ صَاحِبِهَا، فَأَقَامَ عِنْدَهُ، فَاتَّفَقَ أَنَّ أَخَاهُ أَرْسِلَان شَاهْ مَاتَ، فَسَارَ إِلَى كَرْمَانَ، فَمَلَكَهَا، وَأَقَامَ بِهَا بِغَيْرِ مُنَازِعٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَتِ الْأَذِيَّةُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ، وَتَطَرَّقَ بِلَادَ حُلْوَانَ، وَنَهَبَ وَأَفْسَدَ، وَتَطَرَّقَ الْحُجَّاجُ، فَأُنْفِذَ إِلَيْهِ مِنْ بَغْدَادَ عَسْكَرٌ، فَنَازَلُوهُ فِي قِلَاعِهِ، وَضَايَقُوهُ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُ وَأَمْوَالَ أَهْلِهِ، حَتَّى أَذْعَنَ بِالطَّاعَةِ، وَلَا يُعَاوِدُ أَذَى الْحُجَّاجِ وَلَا غَيْرِهِمْ، فَعَادَ الْعَسْكَرُ عَنْهُ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ مَجْدُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الدَّايَةِ، وَهُوَ رَضِيعُ نُورِ الدِّينِ، وَكَانَ أَعْظَمَ الْأُمَرَاءِ مَنْزِلَةً عِنْدَهُ، وَلَهُ فِي أَقْطَاعِهِ حَلَبُ وَحَارِمُ وَقَلْعَةُ جَعْبَرَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَدَّ نُورُ الدِّينِ مَا كَانَ لَهُ إِلَى أَخِيهِ شَمْسِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ الدَّايَةِ.
وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ، تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ شَافِعٍ أَبُو الْفَضْلِ الْجِيلِيُّ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ مَشْهُورِي الْمُحَدِّثِينَ. الْجِيلِيُّ: بِالْجِيمِ وَالْيَاءُ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute