[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣١٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ هَلَاكِ الرِّجَالِ الْمُصَافِيَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ هَلَكَ الرَّجَّالَةُ الْمُصَافِيَّةُ، وَأُخْرِجُوا مِنْ بَغْدَاذَ بَعْدَ (مَا عَظُمَ شَرُّهُمْ، وَقَوِيَ أَمْرُهُمْ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَعَادُوا) الْمُقْتَدِرَ إِلَى الْخِلَافَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، زَادَ إِدْلَالُهُمْ وَاسْتِطَالَتُهُمْ، وَصَارُوا يَقُولُونَ أَشْيَاءَ لَا يَحْتَمِلُهَا الْخُلَفَاءُ، مِنْهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ يُصْعِدُ الْحِمَارَ إِلَى السَّطْحِ يَقْدِرُ يَحُطُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ الْمُقْتَدِرُ مَعَنَا مَا نَسْتَحِقُّهُ، قَاتَلْنَاهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَثُرَ شَغَبُهُمْ وَمُطَالَبَتُهُمْ، وَأَدْخَلُوا فِي الْأَرْزَاقِ أَوْلَادَهُمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَعَارِفَهَمْ، وَأَثْبَتُوا أَسْمَاءَهُمْ، فَصَارَ لَهُمْ فِي الشَّهْرِ مِائَةُ أَلْفٍ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ.
وَاتَّفَقَ أَنْ شَغَبَ الْفُرْسَانُ فِي طَلَبِ أَرْزَاقِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ بَيْتَ الْمَالِ فَارِغٌ وَقَدِ انْصَرَفَتِ الْأَمْوَالُ إِلَى الرَّجَّالَةِ (فَثَارَ بِهِمُ الْفُرْسَانُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مِنَ الْفُرْسَانِ جَمَاعَةٌ، وَاحْتَجَّ الْمُقْتَدِرُ بِقَتْلِهِمْ عَلَى الرَّجَّالَةِ) ، وَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ يَاقُوتٍ فَرَكِبَ، وَكَانَ قَدِ اسْتُعْمِلَ عَلَى الشُّرْطَةِ، فَطَرَدَ الرَّجَّالَةَ عَنْ دَارِ الْمُقْتَدِرِ، وَنُودِيَ فِيهِمْ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ بَغْدَاذَ، وَمَنْ أَقَامَ قُبِضَ عَلَيْهِ وَحُبِسَ، وَهُدِمَتْ دُورُ زُعَمَائِهِمْ، وَقُبِضَتْ أَمْلَاكُهُمْ، وَظَفِرَ بَعْدَ النِّدَاءِ، بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فَضَرَبَهُمْ، وَحَلَقَ لِحَاهُمْ، وَشَهَّرَ بِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute