[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ]
٢٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ
ذكر عَزْلِ أَبِي مُوسَى عَنِ الْبَصْرَةِ وَاسْتِعْمَالِ ابْنِ عَامِرٍ عَلَيْهَا
قِيلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ عُثْمَانُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كَرِيزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ (وَهُوَ ابْنُ خَالِ عُثْمَانَ) ، وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ لِثَلَاثِ سِنِينَ مَضَتْ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ أَنَّ أَهْلَ إِيذَجَ وَالْأَكْرَادِ كَفَرُوا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَنَادَى أَبُو مُوسَى فِي النَّاسِ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ، وَذَكَرَ مَنْ فَضَّلَ الْجِهَادَ مَاشِيًا، فَحَمَلَ نَفَرٌ عَلَى دَوَابِّهِمْ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا رَجَّالَةً. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نُعَجِّلُ بِشَيْءٍ حَتَّى نَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ، فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَعَلْنَا كَمَا يَفْعَلُ.
فَلَمَّا خَرَجَ أَخْرَجَ ثَقَلَهُ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا، فَتَعَلَّقُوا بِعِنَانِهِ وَقَالُوا: احْمِلْنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْفُضُولِ، وَارْغَبْ فِي الْمَشْيِ كَمَا رَغَّبْتَنَا. فَضَرَبَ الْقَوْمَ بِسَوْطِهِ، فَتَرَكُوا دَابَّتَهُ، فَمَضَى. وَأَتَوْا عُثْمَانَ فَاسْتَعْفَوْهُ مِنْهُ وَقَالُوا: مَا كُلُّ مَا نَعْلَمُ نُحِبُّ أَنْ تَسْأَلَنَا عَنْهُ، فَأَبْدِلْنَا بِهِ. فَقَالَ: مَنْ تُحِبُّونَ؟ فَقَالَ غَيْلَانُ بْنُ خَرَشَةَ: فِي كُلِّ أَحَدٍ عِوَضٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ أَكَلَ أَرْضَنَا! أَمَا مِنْكُمْ خَسِيسٌ فَتَرْفَعُوهُ؟ أَمَا مِنْكُمْ فَقِيرٌ فَتُجِيرُوهُ؟ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى مَتَى يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْخُ الْأَشْعَرِيُّ هَذِهِ الْبِلَادَ؟ فَانْتَبَهَ لَهَا عُثْمَانُ، فَعَزَلَ أَبَا مُوسَى وَوَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو مُوسَى قَالَ: يَأْتِيكُمْ غُلَامٌ خَرَّاجٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute