كَعْبٍ: أَنْ بِعْنَا بُرْدَةَ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ أَحَدًا. فَلَمَّا مَاتَ كَعْبٌ اشْتَرَاهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ أَوْلَادِهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهِيَ الْبُرْدَةُ الَّتِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ الْآنَ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهِ وَقَطْعِ لِسَانِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَشَبَّبَ بِأُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ.
(أَبُو سُلْمَى بِضَمِّ السِّينِ وَالْإِمَالَةِ. وَالْمَأْمُورُ بِالرَّاءِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ لِكُلِّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالشَّيْءِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ: مَأْمُورٌ، بِالرَّاءِ، يُرِيدُونَ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ تَأْمُرُهُ بِهِ الْجِنُّ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورًا مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَكِنَّهُ كَرِهَهُ لِعَادَتِهِمْ، فَلَمَّا قَالَ: الْمَأْمُونُ بِالنُّونِ، رَضِيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَى الْوَحْيِ. وَبُجَيْرٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ، وَبِالْجِيمِ) .
[ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ]
لَمَّا عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنَ الطَّائِفِ مَا بَيْنَ ذِي الْحَجَّةِ إِلَى رَجَبٍ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بِالتَّجَهُّزِ لِغَزْوِ الرُّومِ، وَأَعْلَمَ النَّاسَ مَقْصِدَهُمْ لِبُعْدِ الطَّرِيقِ، وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَقُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا.
وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَغَهُ أَنَّ هِرَقْلَ مِلْكَ الرُّومِ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ مُتَنَصِّرَةِ الْعَرَبِ - قَدْ عَزَمُوا عَلَى قَصْدِهِ، فَتَجَهَّزَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ وَسَارُوا إِلَى الرُّومِ. وَكَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا، وَالْبِلَادُ مُجْدِبَةٌ، وَالنَّاسُ فِي عُسْرَةٍ، وَكَانَتِ الثِّمَارُ قَدْ طَابَتْ، فَأَحَبَّ النَّاسُ الْمُقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ، فَتَجَهَّزُوا عَلَى كُرْهٍ، فَكَانَ ذَلِكَ الْجَيْشُ يُسَمَّى جَيْشَ الْعُسْرَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُنَافِقِينَ: هَلْ لَكَ فِي جِلَادِ بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute