للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٧٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى شُكْرٍ الْخَادِمِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ عَلَى شُكْرٍ الْخَادِمِ، وَكَانَ أَخَصَّ النَّاسِ عِنْدَ وَالِدِهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَأَقْرَبَهُمْ إِلَيْهِ، يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ وَيُعَوِّلُ عَلَيْهِ.

وَكَانَ سَبَبُ قَبْضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَيَّامَ وَالِدِهِ يَقْصِدُ شَرَفَ الدَّوْلَةِ وَيُؤْذِيهِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى إِبْعَادَهُ إِلَى كَرْمَانَ مِنْ بَغْدَاذَ، وَقَامَ بِأَمْرِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، فَحَقَدَ عَلَيْهِ شَرَفُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَلَكَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ الْعِرَاقَ اخْتَفَى شُكْرٌ، فَطَلَبَهُ أَشَدَّ الطَّلَبِ فَلَمْ يُوجَدْ، وَكَانَ لَهُ جَارِيَةٌ حَبَشِيَّةٌ قَدْ تَزَوَّجَهَا، فَطَلَبَهَا إِلَيْهِ، فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً تَخْدِمُهُ.

وَكَانَ قَدْ عَلِقَ بِقَلْبِهَا غَيْرُهُ، فَصَارَتْ تَأْخُذُ الْمَأْكُولَ وَغَيْرَهُ وَتَحْمِلُهُ إِلَى حَيْثُ شَاءَتْ، فَأَحَسَّ بِهَا شُكْرٌ، فَلَمْ يَحْتَمِلْهَا، فَضَرَبَهَا، فَخَرَجَتْ غَضْبَى إِلَى بَابِ دَارِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَأَخْبَرَتْ بِحَالِ شُكْرٍ، فَأُخِذَ وَأُحْضِرَ عِنْدَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ، فَوَهَبَهُ لَهُ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْحَجِّ، فَأَذِنَ لَهُ، فَسَارَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ، فَنَالَ هُنَاكَ مَنْزِلَةً كَبِيرَةً، وَسَيَرِدُ خَبَرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ عَزْلِ بَكْجُورَ عَنْ دِمَشْقَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ بَكْجُورُ عَنْ دِمَشْقَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَسَاءَ السِّيرَةَ فِي دِمَشْقَ، وَفَعَلَ الْأَعْمَالَ الذَّمِيمَةَ، وَكَانَ الْوَزِيرُ يَعْقُوبُ بْنُ كِلِّسٍ مُنْحَرِفًا عَنْهُ، يُسِيءُ الرَّأْيَ فِيهِ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مَا فَعَلَهُ بِأَصْحَابِهِ بِدِمَشْقَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. فَلَمَّا بَلَغَهُ فِعْلُهُ بِدِمَشْقَ تَحَرَّكَ فِي عَزْلِهِ، وَقَبُحَ ذِكْرُهُ عِنْدَ الْعَزِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>