بِاللَّهِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَجُهِّزَتِ الْعَسَاكِرُ مِنْ مِصْرَ مَعَ الْقَائِدِ مُنِيرٍ الْخَادِمِ، فَسَارُوا إِلَى الشَّامِ.
فَجَمَعَ بَكْجُورُ الْعَرَبَ وَغَيْرَهَا وَخَرَجَ، فَلَقِيَ الْعَسْكَرَ الْمِصْرِيَّ عِنْدَ دَارَيَّا، وَقَاتَلَهُمْ فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، فَانْهَزَمَ بَكْجُورُ وَعَسْكَرُهُ، وَخَافَ مِنْ وُصُولِ نَزَّالٍ وَالِي طَرَابُلُسَ، وَكَانَ قَدْ كُوتِبَ مِنْ مِصْرَ بِمُعَاضَدَةِ مُنِيرٍ، فَلَمَّا انْهَزَمَ بَكْجُورُ خَافَ أَنْ يَجِيءَ نَزَّالٌ فَيُؤْخَذُ، فَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِيُسَلِّمَ الْبَلَدَ إِلَيْهِمْ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَجَمَعَ مَالَهُ جَمِيعَهُ وَسَارَ، وَأَخْفَى أَثَرَهُ لِئَلَّا يَغْدِرَ الْمِصْرِيُّونَ بِهِ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الرَّقَّةِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَتَسَلَّمَ مُنِيرٌ الْبَلَدَ، فَفَرِحَ بِهِ أَهْلُهُ وَسَرَّهُمْ وِلَايَتُهُ، وَسَنَذْكُرُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] بَاقِيَ أَخْبَارِهِ وَقَتْلَهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ ظَفَرِ الْأَصْفَرِ بِالْقَرَامِطَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَمَعَ إِنْسَانٌ يُعْرَفُ بِالْأَصْفَرِ مِنْ بَنِي الْمُنْتَفِقِ جَمْعًا كَثِيرًا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمْعٍ مِنَ الْقَرَامِطَةِ وَقْعَةٌ شَدِيدَةٌ قُتِلَ فِيهَا مُقَدَّمُ الْقَرَامِطَةِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَقُتِلَ مِنْهُمْ، وَأُسِرَ كَثِيرٌ.
وَسَارَ الْأَصْفَرُ إِلَى الْأَحْسَاءِ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ الْقَرَامِطَةُ، فَعَدَلَ إِلَى الْقَطِيفِ فَأَخَذَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَبِيدِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَسَارَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ.
ذِكْرُ نُكْتَةٍ حَسَنَةٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَهْدَى الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ، أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ، إِلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ دِينَارًا وَزْنُهُ أَلْفُ مِثْقَالٍ، وَكَانَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ مَكْتُوبٌ:
وَأَحْمَرَ يَحْكِي الشَّمْسَ شَكْلًا وَصُورَةً ... فَأَوْصَافُهُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صِفَاتِهِ
فَإِنْ قِيلَ دِينَارٌ فَقَدْ صَدَقَ اسْمُهُ ... وَإِنْ قِيلَ أَلْفٌ كَانَ بَعْضَ سِمَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute