[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٨٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ وِلَايَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ خُرَاسَانَ وَإِجْلَاءِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَّى الْأَمِيرُ نُوحٌ مَحْمُودَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ خُرَاسَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ نُوحًا لَمَّا عَادَ إِلَى بُخَارَى، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، سُقِطَ فِي يَدِ أَبِي عَلِيٍّ، وَنَدِمَ عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ تَرْكِ مَعُونَتِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا فَائِقٌ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَقَرَّ نُوحٌ بِبُخَارَى حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ، وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَالْحُكْمِ فِي دَوْلَتِهِ، فَسَارَ عَنْ بَلْخَ إِلَى بُخَارَى. فَلَمَّا عَلِمَ نُوحٌ بِذَلِكَ سَيَّرَ إِلَيْهِ الْجُيُوشَ لِتَرُدَّهُ (عَنْ ذَلِكَ) ، فَلَقُوهُ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ فَائِقٌ وَأَصْحَابُهُ، وَلَحِقُوا بِأَبِي عَلِيٍّ، فَفَرِحَ بِهِمْ، وَقَوِيَ جَنَانُهُ بِقُرْبِهِمْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى مُكَاشَفَةِ الْأَمِيرِ نُوحٍ بِالْعِصْيَانِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ كَتَبَ الْأَمِيرُ نُوحٌ إِلَى سُبُكْتِكِينَ، وَهُوَ حِينَئِذٍ بِغَزْنَةَ، يُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَيَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَهُ، وَوَلَّاهُ خُرَاسَانَ.
وَكَانَ سُبُكْتِكِينُ فِي هَذِهِ الْفِتَنِ مَشْغُولًا بِالْغَزْوِ، غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إِلَى مَا هُمْ فِيهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ نُوحٍ وَرَسُولُهُ أَجَابَهُ إِلَى مَا أَرَادَ، وَسَارَ نَحْوَهُ جَرِيدَةً، وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَقَرَّرَا بَيْنَهُمَا مَا يَفْعَلَانِهِ، وَعَادَ سُبُكْتِكِينُ فَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ وَحَشَدَ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا عَلِيٍّ وَفَائِقًا الْخَبَرُ جَمَعَا وَرَاسَلَا فَخْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهٍ يَسْتَنْجِدَانِهِ، وَيَطْلُبَانِ مِنْهُ عَسْكَرًا، فَأَجَابَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute