للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَخَلَتِ الْإِبِلُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتْهَا أُنِيخَتْ وَخَرَجَ الرِّجَالُ مِنَ الْغَرَائِرِ، وَدَلَّ قَصِيرٌ عَمْرًا عَلَى بَابِ النَّفَقِ وَصَاحُوا بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَوَضَعُوا فِيهِمُ السِّلَاحَ، وَقَامَ عَمْرٌو عَلَى بَابِ النَّفَقِ. وَأَقْبَلَتِ الزَّبَّاءُ تُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنَ النَّفَقِ، فَلَمَّا أَبْصَرَتْ عَمْرًا قَائِمًا عَلَى بَابِ النَّفَقِ عَرَفَتْهُ بِالصُّورَةِ الَّتِي عَمِلَهَا الْمُصَوِّرُ، فَمَصَّتْ سُمًّا كَانَ فِي خَاتَمِهَا، فَقَالَتْ: " بِيَدِي لَا بِيَدِ عَمْرٍو "! فَذَهَبَتْ مَثَلًا. وَتَلَقَّاهَا عَمْرٌو بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهَا وَأَصَابَ مَا أَصَابَ مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْعِرَاقِ. وَصَارَ الْمُلْكُ بَعْدَ جَذِيمَةَ لِابْنِ أُخْتِهِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سُعُودِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُمَارَةَ بْنِ لَخْمٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الْحِيرَةَ مَنْزِلًا مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَزَلْ مَلِكًا حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: مِائَةٌ وَثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةٍ، مِنْهَا أَيَّامُ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ خَمْسٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَأَيَّامُ أَرْدَشِيرَ بْنِ بَابَكَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَشْرَةَ أَشْهُرٍ، وَأَيَّامُ ابْنِهِ سَابُورَ بْنِ أَرْدَشِيرَ ثَمَانِي سِنِينَ وَشَهْرَانِ، وَكَانَ مُنْفَرِدًا بِمُلْكِهِ يَغْزُو الْمَغَازِيَ، وَلَا يَدِينُ لِمُلُوكِ الطَّوَائِفِ إِلَى أَنْ مَلَكَ أَرْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ أَهْلَ فَارِسَ. وَلَمْ يَزَلِ الْمُلْكُ فِي وَلَدِهِ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرَهُمُ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ، إِلَى أَيَّامِ مُلُوكِ كِنْدَةَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقِيلَ فِي سَبَبِ مَسِيرِ وَلَدِ نَصْرِ بْنِ رَبِيعَةَ إِلَى الْعِرَاقِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ رُؤْيَا رَآهَا رَبِيعَةُ، وَسَيَرِدُ ذِكْرُهَا عِنْدَ أَمْرِ الْحَبَشَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[ذِكْرُ طَسْمٍ وَجَدِيسٍ وَكَانُوا أَيَّامَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>