[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٦٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ بَخْتِيَارَ عَلَى الْمَوْصِلِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، سَارَ بَخْتِيَارُ إِلَى الْمَوْصِلِ لِيَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَعْمَالِهَا وَمَا بِيَدِ أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَسِيرِ حَمْدَانَ بْنِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بَخْتِيَارَ، وَاسْتِجَارَتِهِمَا بِهِ، وَشَكْوَاهُمَا إِلَيْهِ مِنْ أَخِيهِمَا أَبِي تَغْلِبَ، فَوَعَدَهُمَا أَنْ يَنْصُرَهُمَا وَيُخَلِّصَ أَعْمَالَهُمَا وَأَمْوَالَهُمَا مِنْهُ، وَيَنْتَقِمَ لَهُمَا، وَاشْتَغَلَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْبَطِيحَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أَشْغَالِهِ عَاوَدَ حَمْدَانُ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَدِيثَ مَعَهُ، وَبَذَلَ لَهُ حَمْدَانُ مَالًا جَزِيلًا، وَصَغُرَ عِنْدَهُ أَمْرُ أَخِيهِ أَبِي تَغْلِبَ، وَطَلَبَ أَنْ يُضَمِّنَهُ بِلَادَهُ لِيَكُونَ فِي طَاعَتِهِ، وَيَحْمِلَ إِلَيْهِ الْأَمْوَالَ وَيُقِيمَ لَهُ الْخُطْبَةَ.
ثُمَّ إِنَّ الْوَزِيرَ أَبَا الْفَضْلِ حَسَّنَ ذَلِكَ، وَأَشَارَ بِهِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْأَمْوَالَ تَكْثُرُ عَلَيْهِ فَتَمْشِي الْأُمُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ هَرَبَ مِنْ عِنْدِ بَخْتِيَارَ، وَعَادَ إِلَى أَخِيهِ أَبِي تَغْلِبَ، فَقَوِيَ عَزْمُ بَخْتِيَارَ عَلَى قَصْدِ الْمَوْصِلِ أَيْضًا، ثُمَّ عَزَلَ أَبَا الْفَضْلِ الْوَزِيرَ وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ بَقِيَّةَ، فَكَاتَبَهُ أَبُو تَغْلِبَ، فَقَصَّرَ فِي خِطَابِهِ فَأَغْرَى بِهِ بَخْتِيَارُ، وَحَمَلَهُ عَلَى قَصْدِهِ، فَسَارَ عَنْ بَغْدَاذَ، وَوَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَنَزَلَ بِالدَّيْرِ الْأَعْلَى.
وَكَانَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ قَدْ سَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ بَخْتِيَارُ، وَقَصَدَ سِنْجَارَ، وَكَسَرَ الْعَرُوبَ، وَأَخْلَى الْمَوْصِلَ مِنْ كُلِّ مِيرَةٍ، وَكَاتَبَ الدِّيوَانَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى سِنْجَارَ يَطْلُبُ بَغْدَاذَ، وَلَمْ يَعْرِضْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ سَوَادِهَا بَلْ كَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَشْتَرُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute