[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَة]
٤٢٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ حَالِ الْخِلَافَةِ وَالسَّلْطَنَةِ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْحَلَّ أَمْرُ الْخِلَافَةِ وَالسَّلْطَنَةِ بِبَغْدَاذَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْجُنْدِ خَرَجُوا إِلَى قَرْيَةِ يَحْيَى، فَلَقِيَهُمْ أَكْرَادٌ، فَأَخَذُوا دَوَابَّهُمْ، فَعَادُوا إِلَى قِرَاحِ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَنَهَبُوا شَيْئًا مِنْ ثَمَرَتِهِ، وَقَالُوا لِلْعُمَّالِينَ فِيهِ: أَنْتُمْ عَرَفْتُمْ حَالَ الْأَكْرَادِ وَلَمْ تُعْلِمُونَا.
فَسَمِعَ الْخَلِيفَةُ الْحَالَ، فَعَظُمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَخْذِ أُولَئِكَ الْأَكْرَادِ لِعَجْزِهِ وَوَهَنِهِ، وَاجْتَهَدَ فِي تَسْلِيمِ الْجُنْدِ إِلَى نَائِبِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى الْقُضَاةِ (بِتَرْكِ الْقَضَاءِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْهُ) ، وَإِلَى الشُّهُودِ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ، وَإِلَى الْفُقَهَاءِ بِتَرْكِ الْفَتْوَى.
فَلَمَّا رَأَى جَلَالُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ سَأَلَ أُولَئِكَ الْأَجْنَادَ لِيُجِيبُوهُ إِلَى أَنْ يَحْمِلَهُمْ إِلَى دِيوَانِ الْخِلَافَةِ، فَفَعَلُوا، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ أُطْلِقُوا، وَعَظُمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَصَارُوا يَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا مَانِعَ لَهُمْ لِأَنَّ الْجُنْدَ يَحْمُونَهُمْ عَلَى السُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ، وَالسُّلْطَانُ عَاجِزٌ عَنْ قَهْرِهِمْ، وَانْتَشَرَ الْعَرَبُ فِي الْبِلَادِ فَنَهَبُوا النَّوَاحِيَ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَبَلَغُوا إِلَى أَطْرَافِ بَغْدَاذَ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى جَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَأَخَذُوا ثِيَابَ النِّسَاءِ فِي الْمَقَابِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute