[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَة]
٥١١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ وَمُلْكِ ابْنِهِ مَحْمُودٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدُ بْنُ مُلْكِشَاهْ بْنِ أَلْب أَرْسِلَانَ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ فِي شَعْبَانَ، وَانْقَطَعَ عَنِ الرُّكُوبِ، وَتَزَايَدَ مَرَضُهُ، وَدَامَ، وَأُرْجِفَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عِيدِ النَّحْرِ حَضَرَ السُّلْطَانُ، وَحَضَرَ وَلَدُهُ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ عَلَى السِّمَاطِ، فَنَبَّهَهُ النَّاسُ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ تَكَلَّفَ الْقُعُودَ لَهُمْ، بَيْنَ يَدَيْهِ سِمَاطٌ كَبِيرٌ فَأَكَلُوا وَخَرَجُوا.
فَلَمَّا انْتَصَفَ ذُو الْحِجَّةِ أَيِسَ مِنْ نَفْسِهِ، فَأَحْضَرَ وَلَدَهُ مَحْمُودًا، وَقَبَّلَهُ، وَبَكَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَجْلِسَ عَلَى تَخْتِ السَّلْطَنَةِ، وَيَنْظُرَ فِي أُمُورِ النَّاسِ، وَعُمُرُهُ إِذْ ذَاكَ قَدْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَقَالَ لِوَالِدِهِ: إِنَّهُ يَوْمٌ غَيْرُ مُبَارَكٍ، يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ النُّجُومِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، وَلَكِنْ عَلَى أَبِيكَ، وَأَمَّا عَلَيْكَ فَمُبَارَكٌ بِالسَّلْطَنَةِ. فَخَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى التَّخْتِ بِالتَّاجِ وَالسُّوَارَيْنِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ أُحْضِرَ الْأُمَرَاءُ وَأُعْلِمُوا بِوَفَاتِهِ، وَقُرِئَتْ وَصِيَّتُهُ إِلَى وَلَدِهِ مَحْمُودٍ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَفِي الْجُمُعَةِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ خُطِبَ لِمَحْمُودٍ بِالسَّلْطَنَةِ.
وَكَانَ مَوْلِدُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ عُمُرُهُ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَأَوَّلُ مَا دُعِيَ لَهُ بِالسَّلْطَنَةِ بِبَغْدَاذَ، فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقُطِعَتْ خُطْبَتُهُ عِدَّةَ دَفَعَاتٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَقِيَ مِنَ الْمَشَاقِّ وَالْأَخْطَارِ مَا لَا حَدَّ لَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَخُوهُ بُرْكِيارُقُ صَفَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute