[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَة]
١١٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ خَاقَانَ
لَمَّا دَخَلَ أَسَدٌ الْخُتُّلِ كَتَبَ ابْنُ السَايِجِيِّ إِلَى خَاقَانَ، وَهُوَ بِنَوَاكِثَ، يُعْلِمُهُ دُخُولَ أَسَدٍ الْخُتُّلَ، وَتَفَرُّقَ جُنُودِهِ فِيهَا، وَأَنَّهُ بِحَالٍ مُضَيَّعَةٍ، فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْجِهَازِ وَسَارَ، فَلَمَّا أَحَسَّ ابْنُ السَايِجِيِّ بِمَجِيءِ خَاقَانَ بَعَثَ إِلَى أَسَدٍ: اخْرُجْ عَنِ الْخُتُّلِ فَإِنَّ خَاقَانَ قَدْ أَظَلَّكَ. فَشَتَمَ الرَّسُولَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ.
فَبَعَثَ ابْنُ السَّايِجِيِّ: إِنِّي لَمْ أُكَذِّبْكَ، وَأَنَا الَّذِي أَعْلَمْتُهُ دُخُولَكَ وَتَفَرُّقَ عَسْكَرِكَ، وَأَنَّهَا فُرْصَةٌ لَهُ، وَسَأَلْتُهُ الْمَدَدَ، فَإِنْ لَقِيَكَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ظَفِرَ بِكَ، وَعَادَتْنِي الْعَرَبُ أَبَدًا مَا بَقِيتُ، وَاسْتَطَالَ عَلَيَّ خَاقَانُ وَاشْتَدَّتْ مَئُونَتُهُ، وَقَالَ: أَخْرَجْتُ الْعَرَبَ مِنْ بِلَادِكَ، وَرَدَدْتُ عَلَيْكَ مُلْكَكَ.
فَعَرَفَ أَسَدٌ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَهُ، فَأَمَرَ بِالْأَثْقَالِ أَنْ تُقَدَّمَ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَاصِمٍ الْعُقَيْلِيَّ وَأَخْرَجَ مَعَهُ الْمَشْيَخَةَ، فَسَارَتِ الْأَثْقَالُ وَمَعَهَا أَهْلُ الصَّغَانِيَانِ وَصَغَانُ خُذَاهْ، وَأَقْبَلَ أَسَدٌ مِنَ الْخُتُّلِ نَحْوَ جَبَلِ الْمِلْحِ يُرِيدُ [أَنْ] يَخُوضَ نَهْرَ بَلْخٍ، وَقَدْ قَطَعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَاصِمٍ بِالسَّبْيِ وَمَا أَصَابُوا، وَأَشْرَفَ أَسَدٌ عَلَى النَّهْرِ فَأَقَامَ يَوْمَهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ عَبَرَ النَّهْرَ فِي مَخَاضَةٍ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَعْبُرُونَ، فَأَدْرَكَهُمْ خَاقَانُ فَقَتَلَ مَنْ لَمْ يَقْطَعِ النَّهْرَ، وَكَانَتِ الْمَسْلَحَةُ عَلَى الْأَزْدِ وَتَمِيمٍ، فَقَاتَلُوا خَاقَانَ وَانْكَشَفُوا.
وَأَقْبَلَ خَاقَانُ وَظَنَّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَعْبُرُ إِلَيْهِمُ النَّهْرَ، فَلَمَّا نَظَرَ خَاقَانُ إِلَى النَّهْرِ أَمَرَ التُّرْكَ بِعُبُورِهِ، فَعَبَرُوهُ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ عَسْكَرَهُمْ وَأَخَذَ التُّرْكُ مَا رَأَوْهُ خَارِجًا، وَخَرَجَ الْغِلْمَانُ فَضَارَبُوهُمْ بِالْعُمُدِ فَعَادُوا، وَبَاتَ أَسَدٌ وَالْمُسْلِمُونَ وَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute