[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٩١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ، وَقَتْلِ صَاحِبِ الشَّامَةِ
قَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ الْمُكْتَفِي إِلَى الرَّقَّةِ، وَإِرْسَالَهُ الْجُيُوشَ إِلَى صَاحِبِ الشَّامَةِ، وَتَوْلِيَةَ حَرْبِ صَاحِبِ الشَّامَةِ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْكَاتِبَ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ أَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بِمُنَاهَضَةِ صَاحِبِ الشَّامَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَسَاكِرُ الْخَلِيفَةِ، حَتَّى لَقُوهُ وَأَصْحَابَهُ بِمَكَانٍ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ حَمَاةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَقَدَّمَ الْقَرْمَطِيُّ أَصْحَابَهُ إِلَيْهِمْ، وَبَقِيَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مَعَهُ مَالٌ كَانَ جَمَعَهُ، وَسَوَادُ عَسْكَرِهِ، وَالْتَحَمَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْخَلِيفَةِ، وَالْقَرَامِطَةِ، وَاشْتَدَّتْ، وَانْهَزَمَتِ الْقَرَامِطَةُ، وَقُتِّلُوا كُلَّ قِتْلَةٍ وَأُسِرَ (مِنْ رِجَالِهِمْ بَشَرٌ كَثِيرٌ) ، وَتَفَرَّقَ الْبَاقُونَ فِي الْبَوَادِي، وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ الْخَلِيفَةِ.
فَلَمَّا رَأَى صَاحِبُ الشَّامَةِ مَا نَزَلَ بِأَصْحَابِهِ حَمَّلَ أَخًا لَهُ يُكَنَّى أَبَا الْفَضْلِ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْبَوَادِي إِلَى أَنْ يَظْهَرَ بِمَكَانٍ فَيَسِيرَ إِلَيْهِ، وَرَكِبَ هُوَ وَابْنُ عَمِّهِ الْمُسَمَّى بِالْمُدَّثِّرِ، وَالْمُطَوَّقُ صَاحِبُهُ، وَغُلَامٌ لَهُ رُومِيٌّ، [وَأَخَذَ دَلِيلًا] وَسَارَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ عَرْضًا فِي الْبَرِّيَّةِ، فَانْتَهَى إِلَى الدَّالِيَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْفُرَاتِ، وَقَدْ نَفَدَ مَا مَعَهُمْ مِنَ الزَّادِ وَالْعَلَفِ، فَوَجَّهَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ إِلَى الدَّالِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِابْنِ طَوْقٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، فَأَنْكَرُوا رَأْيَهُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ فَكَتَمَهُ، فَرَفَعُوهُ إِلَى مُتَوَلِّي تِلْكَ النَّاحِيَةِ خَلِيفَةِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَشْمَرْدَ، فَسَأَلَهُ عَنْ خَبَرِهِ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَاحِبَ الشَّامَةِ خَلْفَ رَابِيَةٍ هُنَاكَ مَعَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ، فَمَضَى إِلَيْهِمْ وَأَخَذَهُمْ، وَأَحْضَرَهُمْ عِنْدَ ابْنِ كَشْمَرْدَ، فَوَجَّهَ بِهِمْ إِلَى الْمُكْتَفِي بِالرَّقَّةِ، وَرَجَعَتِ الْجُيُوشُ مِنَ الطَّلَبِ بَعْدَ أَنْ قَتَلُوا وَأَسَرُوا، وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ أَثَرًا فِي الْحَرْبِ الْحُسَيْنَ بْنَ حَمْدَانَ، وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِي شَيْبَانَ، فَإِنَّهُمُ اصْطَلَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute