[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَة]
١٢٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ مَسِيرِ مَرْوَانَ إِلَى الشَّامِ وَخَلْعِ إِبْرَاهِيمَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مَرْوَانُ إِلَى الشَّامِ لِمُحَارَبَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهُ مِنْ مَسِيرِ مَرْوَانَ بَعْدَ مَقْتَلِ الْوَلِيدِ وَإِنْكَارِهِ قَتْلَهُ، وَغَلَبَتِهِ عَلَى الْجَزِيرَةِ، ثُمَّ مُبَايَعَتِهِ لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ بَعْدَمَا وَلَّاهُ يَزِيدُ مِنْ عَمَلِ أَبِيهِ.
فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَارَ مَرْوَانُ فِي جُنُودِ الْجَزِيرَةِ، وَخَلَّفَ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ بِالرَّقَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَى مَرْوَانُ إِلَى قِنَّسْرِينَ لَقِيَ بِهَا بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ، كَانَ وَلَّاهُ أَخُوهُ يَزِيدُ قِنَّسْرِينَ، وَمَعَهُ أَخُوهُ مَسْرُورُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَتَصَافَوْا، وَدَعَاهُمْ مَرْوَانُ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَمَالَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ فِي الْقَيْسِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا بِشْرًا وَأَخَاهُ مَسْرُورًا، فَأَخَذَهُمَا مَرْوَانُ فَحَبَسَهُمَا، وَسَارَ وَمَعَهُ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ مُتَوَجِّهًا إِلَى حِمْصَ.
وَكَانَ أَهْلُ حِمْصَ قَدِ امْتَنَعُوا [حِينَ مَاتَ يَزِيدُ] مِنْ بَيْعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ إِبْرَاهِيمُ عَبْدَ الْعَزِيزِ وَجُنْدَ أَهْلِ دِمَشْقَ فَحَاصَرَهُمْ فِي مَدِينَتِهِمْ، وَأَسْرَعَ مَرْوَانُ السَّيْرَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ حِمْصَ رَحَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْهَا، وَخَرَجَ أَهْلُهَا إِلَى مَرْوَانَ فَبَايَعُوهُ وَسَارُوا مَعَهُ. وَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجُنُودَ مِنْ دِمَشْقَ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ، فَنَزَلَ عَيْنَ الْجَرِّ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَنَزَلَهَا مَرْوَانُ فِي ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَدَعَاهُمْ مَرْوَانُ إِلَى الْكَفِّ عَنْ قِتَالِهِ وَإِطْلَاقِ ابْنَيِ الْوَلِيدِ الْحَكَمِ وَعُثْمَانَ مِنَ السِّجْنِ، وَضَمِنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ أَحَدًا مِنْ قَتَلَةِ الْوَلِيدِ. فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَجَدُّوا فِي قِتَالِهِ، فَاقْتَتَلُوا مَا بَيْنَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ.
وَكَانَ مَرْوَانُ ذَا رَأْيٍ وَمَكِيدَةٍ، فَأَرْسَلَ ثَلَاثَةَ آلَافِ فَارِسٍ، فَسَارُوا خَلْفَ عَسْكَرِهِ، وَقَطَعُوا نَهْرًا كَانَ هُنَاكَ، وَقَصَدُوا عَسْكَرَ إِبْرَاهِيمَ لِيُغِيرُوا فِيهِ، فَلَمْ يَشْعُرْ سُلَيْمَانُ وَمَنْ مَعَهُ وَهُمْ مَشْغُولُونَ بِالْقِتَالِ إِلَّا بِالْخَيْلِ وَالْبَارِقَةِ وَالتَّكْبِيرِ فِي عَسْكَرِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute