للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَة]

٥٩٧ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

ذِكْرُ مُلْكِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ صَاحِبِ حَلَبَ مَنْبِجَ وَغَيْرَهَا مِنَ الشَّامِ

وَحَصْرِهِ هُوَ وَأَخُوهُ الْأَفْضَلُ مَدِينَةَ دِمَشْقَ وَعَوْدِهِمَا عَنْهَا

قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مُلْكَ الْعَادِلِ دِيَارَ مِصْرَ، وَقَطْعَهُ خُطْبَةَ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ وَلَدِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ عُثْمَانَ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، وَأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَرْضَهُ الْأُمَرَاءُ الْمِصْرِيُّونَ، وَخَبُثَتْ نِيَّاتُهُمْ فِي طَاعَتِهِ، فَرَاسَلُوا أَخَوَيْهِ: الظَّاهِرَ بِحَلَبَ، وَالْأَفْضَلَ بِصَرْخَدَ، وَتَكَرَّرَتِ الْمُكَاتَبَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ بَيْنَهُمْ، يَدْعُونَهُمَا إِلَى قَصْدِ دِمَشْقَ وَحَصْرِهَا لِيَخْرُجَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا خَرَجَ إِلَيْهِمْ [مِنْ] مِصْرَ أَسْلَمُوهُ، وَصَارُوا مَعَهُمَا، فَيَمْلِكَانِ الْبِلَادَ.

وَكَثُرَ ذَلِكَ، حَتَّى فَشَا الْخَبَرُ وَاتَّصَلَ بِالْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ النِّيلَ لَمْ يَزِدْ بِمِصْرَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَرْكَبُ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَ النَّاسُ، فَكَثُرَ الْغَلَاءُ فَضَعُفَتْ قُوَّةُ الْجُنْدِ، وَكَانَ فَخْرُ الدِّينِ جَرْكَسُ قَدْ فَارَقَ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمَمَالِيكِ النَّاصِرِيَّةِ لِحِصَارِ بَانِيَاسَ لِيَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ بِأَمْرِ الْعَادِلِ، وَكَانَتْ لِأَمِيرٍ كَبِيرٍ تُرْكِيٍّ اسْمُهُ بِشَارَةُ، قَدِ اتَّهَمَهُ الْعَادِلُ، فَأَمَرَ جَرْكَسَ بِذَلِكَ.

وَكَانَ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْعَادِلِ يُعْرَفُ بِأُسَامَةَ قَدْ حَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ، فَلَمَّا عَادَ مِنَ الْحَجِّ، وَقَارَبَ صَرْخَدَ، نَزَلَ الْمَلِكُ الْأَفْضَلُ، فَلَقِيَهُ وَأَكْرَمَهُ، وَدَعَاهُ إِلَى نَفْسِهِ. فَأَجَابَهُ وَحَلَفَ لَهُ، وَعَرَّفَهُ الْأَفْضَلُ جَلِيَّةَ الْحَالِ، وَكَانَ أُسَامَةُ مِنْ بِطَانَةِ الْعَادِلِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِيَنْكَشِفَ لَهُ الْأَمْرُ، فَلَمَّا فَارَقَ الْأَفْضَلُ أَرْسَلَ إِلَى الْعَادِلِ وَهُوَ بِمِصْرَ، يُعَرِّفُهُ الْخَبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>