[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَة]
١٥١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا أَغَارَتِ الْكُرْكُ عَلَى جُدَّةَ.
ذِكْرُ عَزْلِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنِ السِّنْدِ وَوِلَايَةِ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو
وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الْمَعْرُوفَ بِهَزَارْمَرْدَ، يَعْنِي أَلْفَ رَجُلٍ، عَنِ السِّنْدِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو التَّغْلِبِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ.
وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ عَنِ السِّنْدِ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدُ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَوَجَّهَ مُحَمَّدُ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ الْمَعْرُوفَ بِالْأَشْتَرِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَاشْتَرَى مِنْهَا خَيْلًا عِتَاقًا لِيَكُونَ سَبَبَ وُصُولِهِمْ إِلَى عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَهُ مِنْ قُوَّادِ الْمَنْصُورِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ.
وَسَارُوا فِي الْبَحْرِ إِلَى السِّنْدِ، فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يُحْضِرُوا خَيْلَهُمْ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّا جِئْنَاكَ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْخَيْلِ وَبِمَا لَكَ فِيهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَعْطِنَا الْأَمَانَ إِمَّا قَبِلْتَ مِنَّا وَإِمَّا سَتَرْتَ وَأَمْسَكْتَ عَنْ إِيذَائِنَا حَتَّى نَخْرُجَ عَنْ بِلَادِكَ رَاجِعِينَ. فَآمَنُهُ.
فَذَكَرَ لَهُ حَالَهُمْ وَحَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَرْسَلَهُ أَبُوهُ إِلَيْهِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ وَبَايَعَهُمْ وَأَنْزَلَ الْأَشْتَرَ عِنْدَهُ مُخْتَفِيًا، وَدَعَا كُبَرَاءَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَقُوَّادَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَأَجَابُوهُ، فَقَطَعَ أَلْوِيَتَهُمُ الْبِيضَ، وَهَيَّأَ لُبْسَهُ مِنَ الْبَيَاضِ لِيَخْطُبَ فِيهِ وَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.
فَوَصَلَهُ مَرْكَبٌ لَطِيفٌ فِيهِ رَسُولٌ مِنِ امْرَأَةِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ تُخْبِرُهُ بِقَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدَخَلَ عَلَى الْأَشْتَرِ فَأَخْبَرَهُ وَعَزَّاهُ، فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ: إِنَّ أَمْرِي قَدْ ظَهَرَ وَدَمِي فِي عُنُقِكَ. قَالَ عُمَرُ: قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، هَاهُنَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ السِّنْدِ عَظِيمُ الشَّأْنِ كَثِيرُ الْمَمْلَكَةِ، وَهُوَ عَلَى شَوْكَةٍ، أَشَدُّ النَّاسِ تَعْظِيمًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَفِيٌّ، أَرْسِلْ إِلَيْهِ فَاعْقِدْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَقْدًا، فَأُوَجِّهُكَ إِلَيْهِ فَلَسْتَ تُرَامُ مَعَهُ.
فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَيْهِ الْأَشْتَرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute