[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً]
١٢١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً
ذِكْرُ ظُهُورِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ الرُّومَ فَافْتَتَحَ بِهَا مَطَامِيرَ.
قِيلَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قُتِلَ هَذِهِ السَّنَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْآنَ سَبَبَ خِلَافِهِ عَلَى هِشَامٍ وَبَيْعَتِهِ، وَنَذْكُرُ قَتْلَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ.
قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ خِلَافِهِ، فَقِيلَ: إِنَّ زَيْدًا وَدَاوُدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَدِمُوا عَلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ بِالْعِرَاقِ فَأَجَازَهُمْ وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا وَلِيَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى هِشَامٍ بِذَلِكَ، وَذَكَرَ لَهُ أَنَّ خَالِدًا ابْتَاعَ مِنْ زَيْدٍ أَرْضًا بِالْمَدِينَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، ثُمَّ رَدَّ الْأَرْضَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَامِلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ إِلَيْهِ فَفَعَلَ، فَسَأَلَهُمْ هِشَامٌ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَرُّوا بِالْجَائِزَةِ، وَأَنْكَرُوا مَا سِوَى ذَلِكَ وَحَلَفُوا، فَصَدَّقَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ لِيُقَابِلُوا خَالِدًا، فَسَارُوا عَلَى كُرْهٍ وَقَابَلُوا خَالِدًا، فَصَدَّقَهُمْ، فَعَادَوْا نَحْوَ الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا نَزَلُوا الْقَادِسِيَّةَ رَاسَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ زَيْدًا فَعَادَ إِلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: بَلِ ادَّعَى خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ أَنَّهُ أَوْدَعَ زَيْدًا وَدَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ وَنَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مَالًا، فَكَتَبَ يُوسُفُ بِذَلِكَ إِلَى هِشَامٍ، فَأَحْضَرَهُمْ هِشَامٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى يُوسُفَ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَالِدٍ فَقَدِمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ يُوسُفُ لِزَيْدٍ: إِنَّ خَالِدًا زَعَمَ أَنَّهُ أَوْدَعَكَ. قَالَ: كَيْفَ يُودِعُنِي وَهُوَ يَشْتُمُ آبَائِي عَلَى مِنْبَرِهِ! فَأَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ فَأَحْضَرَهُ فِي عَبَاءَةٍ، فَقَالَ: هَذَا زَيْدٌ قَدْ أَنْكَرَ أَنَّكَ قَدْ أَوْدَعْتَهُ شَيْئًا. فَنَظَرَ خَالِدٌ إِلَيْهِ وَإِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لِيُوسُفَ: أَتُرِيدُ أَنْ تَجْمَعَ مَعَ إِثْمِكَ فِيَّ إِثْمًا فِي هَذَا؟ كَيْفَ أُودِعُهُ وَأَنَا أَشْتُمُهُ وَأَشْتُمُ آبَاءَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ! فَقَالُوا لِخَالِدٍ: مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: شَدَّدَ عَلَيَّ الْعَذَابَ فَادَّعَيْتُ ذَلِكَ، وَأَمَلْتُ أَنْ يَأْتِيَ اللَّهُ بِفَرَجٍ قَبْلَ قُدُومِكُمْ. فَرَجَعُوا وَأَقَامَ زَيْدٌ وَدَاوُدُ بِالْكُوفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute