[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ]
١٧٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ خُرُوجِ سُلَيْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى أَخِيهِمَا هِشَامٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، خَرَجَ سُلَيْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، أَمِيرِ الْأَنْدَلُسِ، عَنْ طَاعَةِ أَخِيهِمَا هِشَامٍ بِالْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ هِشَامٌ قَدْ مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ لَهُ الْمُلْكُ كَانَ مَعَهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِالْبَلَنْسِيِّ، وَكَانَ هِشَامٌ يُؤْثِرُهُ وَيَبَرُّهُ وَيُقَدِّمُهُ، فَلَمْ يَرْضَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَّا بِالْمُشَارَكَةِ فِي أَمْرِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ خَافَ مِنْ أَخِيهِ هِشَامٍ، فَمَضَى هَارِبًا إِلَى أَخِيهِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ بِطُلَيْطِلَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ قُرْطُبَةَ أَرْسَلَ هِشَامٌ جَمْعًا فِي أَثَرِهِ لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَلْحَقُوهُ، فَجَمَعَ هِشَامٌ عَسَاكِرَهُ، وَسَارَ إِلَى طُلَيْطِلَةَ، فَحَصَرَ أَخَوَيْهِ بِهَا، وَكَانَ سُلَيْمَانُ قَدْ جَمَعَ وَحَشَدَ خَلْقًا كَثِيرًا، فَلَمَّا حَصَرَهُمَا هِشَامٌ سَارَ سُلَيْمَانُ مِنْ طُلَيْطِلَةَ وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ يَحْفَظَانِ الْبَلَدَ، وَسَارَ هُوَ إِلَى قُرْطُبَةَ لِيَمْلِكَهَا، فَعَلِمَ هِشَامٌ الْحَالَ، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ، وَلَا فَارَقَ طُلَيْطِلَةَ بَلْ أَقَامَ يَحْصُرُهَا.
وَسَارَ سُلَيْمَانُ، فَوَصَلَ إِلَى شَقُنْدَةَ، فَدَخَلَهَا، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ قُرْطُبَةَ مُقَاتِلِينَ وَدَافِعِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
ثُمَّ إِنَّ هِشَامًا سَيَّرَ فِي أَثَرِهِ ابْنَهُ عَمِيدَ الْمُلْكِ، فِي قِطْعَةٍ مِنَ الْجَيْشِ، فَلَمَّا قَارَبَهُ مَضَى سُلَيْمَانُ هَارِبًا، فَقَصَدَ مَدِينَةَ مَارِدَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْوَالِي بِهَا لِهِشَامٍ، فَحَارَبَهُ، فَانْهَزَمَ سُلَيْمَانُ، وَبَقِيَ هِشَامٌ عَلَى طُلَيْطِلَةَ شَهْرَيْنِ وَأَيَّامًا مُحَاصِرًا لَهَا ثُمَّ عَادَ عَنْهَا، وَقَدْ قَطَعَ أَشْجَارَهَا، وَسَارَ إِلَى قُرْطُبَةَ، فَأَتَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَيَّرَ هِشَامٌ ابْنَهُ مُعَاوِيَةَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى تُدْمِيرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute