[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٣٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَلَى الْبَصْرَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ وَمَعَهُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ إِلَى الْبَصْرَةِ ; لِاسْتِنْقَاذِهَا مِنْ يَدِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، وَسَلَكُوا الْبَرِّيَّةَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ الْقَرَامِطَةُ مِنْ هَجَرَ إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ مَسِيرَهُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ، وَهِيَ لَهُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ عَنْ كِتَابِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ حَتَّى تَسْتَأْمِرُوا، وَلَيْسَ قَصْدِي مِنْ أَخْذِ الْبَصْرَةِ غَيْرَكُمْ، وَسَتَعْلَمُونَ مَا تَلْقَوْنَ مِنِّي. وَلَمَّا وَصَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الدَّرْهَمِيَّةِ، اسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ عَسَاكِرُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَرِيدِيِّ، وَهَرَبَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ إِلَى هَجَرَ، وَالْتَجَأَ إِلَى الْقَرَامِطَةِ، وَمَلَكَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْبَصْرَةَ، فَانْحَلَّتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَاذَ انْحِلَالًا كَثِيرًا.
وَسَارَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْأَهْوَازِ لِيَلْقَى أَخَاهُ عِمَادَ الدَّوْلَةِ، وَأَقَامَ الْخَلِيفَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْمَرِيُّ بِالْبَصْرَةِ، وَخَالَفَ كُورَكِيرُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْقُوَّادِ، عَلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ الصَّيْمَرِيُّ، فَقَاتَلَهُ فَانْهَزَمَ كُورَكِيرُ وَأُخِذَ أَسِيرًا، فَحَبَسَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بِقَلْعَةِ رَامَهُرْمُزَ، وَلَقِيَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَخَاهُ عِمَادَ الدَّوْلَةِ بِأَرَّجَانَ فِي شَعْبَانَ، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ يَقِفُ قَائِمًا عِنْدَهُ، فَيَأْمُرُهُ بِالْجُلُوسِ، فَلَا يَفْعَلُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَعَادَ الْمُطِيعُ أَيْضًا إِلَيْهَا، وَأَظْهَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ [أَنْ] يَسِيرَ إِلَى الْمَوْصِلِ، فَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَاسْتَقَرَّ الصُّلْحُ وَحُمِلَ الْمَالُ إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ فَسَكَتَ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute