[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَة]
٤٢٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ مُحَاصَرَةِ الْأَبْخَازِ تَفْلِيسَ وَعَوْدِهِمْ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ مَلِكُ الْأَبْخَازِ مَدِينَةَ تَفْلِيسَ، وَامْتَنَعَ أَهْلُهَا عَلَيْهِ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ مُحَاصِرًا وَمُضَيِّقًا، فَنَفِدَتِ الْأَقْوَاتُ، وَانْقَطَعَتِ الْمِيرَةُ، فَأَنْفَذَ أَهْلُهَا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ يَسْتَنْفِرُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْأَلُونَهُمْ إِعَانَتَهُمْ، فَلَمَّا وَصَلَ الْغُزُّ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَسَمِعَ الْأَبْخَازُ بِقُرْبِهِمْ، وَبِمَا فَعَلُوا بِالْأَرْمَنِ، رَحَلُوا عَنْ تَفْلِيسَ مُجْفِلِينَ خَوْفًا. وَلَمَّا رَأَى وَهْسُوذَانُ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ قُوَّةَ الْغُزِّ، وَأَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِمْ، لَاطَفَهُمْ وَصَاهَرَهُمْ وَاسْتَعَانَ بِهِمْ، (وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ) .
ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ طُغْرُلْبَكُ بِخُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ رُكْنُ الدِّينِ أَبُو طَالِبٍ طُغْرُلْبَكُ مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ مَدِينَةَ نَيْسَابُورَ مَالِكًا لَهَا.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْغُزَّ السُّلْجُقِيَّةَ لَمَّا ظَهَرُوا بِخُرَاسَانَ أَفْسَدُوا، وَنَهَبُوا، وَخَرَّبُوا الْبِلَادَ، وَسَبَوْا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَسَمِعَ الْمَلِكُ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ الْخَبَرَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ حَاجِبَهُ سَبَاشِيَ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ غَزْنَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ خُرَاسَانَ ثَقُلَ عَلَى مَا سَلِمَ مِنَ الْبِلَادِ بِالْإِقَامَاتِ فَخَرَّبَ السَّالِمَ مِنْ تَخْرِيبِ الْغُزِّ، فَأَقَامَ مُدَّةَ سَنَةٍ عَلَى الْمُدَافَعَةِ وَالْمُطَاوَلَةِ، لَكِنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ أَثَرَهُمْ إِذَا بَعُدُوا، وَيَرْجِعُ عَنْهُمْ إِذَا أَقْبَلُوا اسْتِعْمَالًا لِلْمُحَاجَزَةِ، وَإِشْفَاقًا مِنَ الْمُحَارَبَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute