وَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِثْرَ ذَلِكَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَكَانَ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُلَيْكَةَ ابْنَةَ دَاوُدَ اللَّيْثِيَّةَ، وَكَانَ أَبُوهَا قُتِلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَجَاءَ إِلَيْهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَ لَهَا: أَلَا تَسْتَحِينَ تَزَوَّجِينَ رَجُلًا قَتَلَ أَبَاكِ؟ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَفَارَقَهَا.
وَفِيهَا هَدَمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُزَّى بِبَطْنِ نَخْلَةَ، لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَكَانَ هَذَا الْبَيْتُ تُعَظِّمُهُ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَمُضَرُ كُلُّهَا، وَكَانَ سَدَنَتَهَا بَنُو شَيْبَانَ بْنِ سُلَيْمٍ حُلَفَاءُ بَنِي هَاشِمٍ، فَلَمَّا سَمِعَ صَاحِبُهَا بِمَسِيرِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَيْهَا عَلَّقَ عَلَيْهَا سَيْفَهُ وَقَالَ:
أَيَا عُزَّ شُدِّي شَدَّةً لَا شَوَى لَهَا ... عَلَى خَالِدٍ أَلْقِي الْقِنَاعَ وَشَمِّرِي
فَلَمَّا انْتَهَى خَالِدٌ إِلَيْهَا جَعَلَ السَّادِنُ يَقُولُ: أَعُزَّى، بَعْضَ غَضِبَاتِكِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ حَبَشِيَّةٌ عُرْيَانَةٌ مُوَلْوِلَةٌ، فَقَتَلَهَا وَكَسَرَ الصَّنَمَ وَهَدَمَ الْبَيْتَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «تِلْكَ الْعُزَّى، لَا تُعْبَدُ أَبَدًا» .
وَفِيهَا هَدَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ سُوَاعَ، وَكَانَ بُرْهَاطَ لَهُذَيْلٍ، فَلَمَّا كَسَرَ الصَّنَمَ أَسْلَمَ سَادِنُهُ، وَلَمْ يَجِدْ فِي خِزَانَتِهِ شَيْئًا.
وَفِيهَا هَدَمَ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيُّ مَنَاةَ بِالْمُشَلَّلِ.
[ذِكْرُ غَزْوَةِ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ]
وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ، وَسَبَبُهَا أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَتْ هَوَازِنُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ مَكَّةَ جَمَعَهَا مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، وَكَانُوا مُشْفِقِينَ مِنْ أَنْ يَغْزُوَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَالُوا: لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ غَزْوِنَا، وَالرَّأْيُ أَنْ نَغْزُوَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute