وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى وَسَعِيدَ بْنَ يَرْبُوعٍ، وَاسْتَأْذَنَهُ أَهْلُ الْمِيَاهِ فِي أَنْ يَبْنُوا مَنَازِلَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ أَحَقُّ بِالظِّلِّ وَالْمَاءِ.
وَفِيهَا تَزَوَّجَ عُمَرُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهِيَ ابْنَةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَخَلَ بِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
[ذكر غَزْوَةِ فَارِسَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ]
قِيلَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَمَّا أُخِذَتِ الْأَهْوَازُ وَمَا يَلِيهَا: وَدِدْتُ أَنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ فَارِسٍ حَبْلًا مِنْ نَارٍ لَا نَصِلُ إِلَيْهِمْ مِنْهُ وَلَا يَصِلُونَ إِلَيْنَا.
وَقَدْ كَانَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ، فَعَزَلَهُ عُمَرُ وَجَعَلَ مَوْضِعَهُ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ، ثُمَّ عَزَلَ قُدَامَةَ وَأَعَادَ الْعَلَاءَ يُنَاوِئُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، فَفَازَ الْعَلَاءُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بِالْفَضْلِ، فَلَمَّا ظَفِرَ سَعْدٌ بِأَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ وَأَزَاحَ الْأَكَاسِرَةَ جَاءَ بِأَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَهُ الْعَلَاءُ، فَأَرَادَ الْعَلَاءُ أَنْ يَصْنَعَ فِي الْفُرْسِ شَيْئًا، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ نَهَاهُ عَنِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ، وَنَهَى غَيْرَهُ أَيْضًا اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَخَوْفَ الْغَرَرِ. فَنَدَبَ الْعَلَاءُ النَّاسَ إِلَى فَارِسَ فَأَجَابُوهُ، وَفَرَّقَهُمْ أَجْنَادًا، عَلَى أَحَدِهَا الْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلَّى، وَعَلَى الْآخَرِ سَوَّارُ بْنُ هَمَّامٍ، وَعَلَى الْآخَرِ خُلَيْدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوِي، وَخُلَيْدٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، وَحَمَلَهُمْ فِي الْبَحْرِ إِلَى فَارِسَ بِغَيْرِ إِذْنِ عُمَرَ، فَعَبَرَتِ الْجُنُودُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى فَارِسَ، فَخَرَجُوا إِلَى إِصْطَخْرَ وَبِإِزَائِهِمْ أَهْلُ فَارِسَ وَعَلَيْهِمُ الْهِرْبِذُ، فَجَالَتِ الْفُرْسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ سُفُنِهِمْ، فَقَامَ خُلَيْدٌ فِي النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى حَرْبِهِمْ، وَإِنَّمَا جِئْتُمْ لِمُحَارَبَتِهِمْ، وَالسُّفُنُ وَالْأَرْضُ لِمَنْ غَلَبَ، {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥] فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ صَلَّوُا الظُّهْرَ ثُمَّ نَاهَدُوهُمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute