[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ]
(٣٠)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ
ذكر عَزْلِ الْوَلِيدِ عَنِ الْكُوفَةِ وَوِلَايَةِ سَعِيدٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ عُثْمَانُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ عَنِ الْكُوفَةِ وَوَلَّاهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ وِلَايَةِ الْوَلِيدِ عَلَى الْكُوفَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَأَنَّهُ كَانَ مَحْبُوبًا إِلَى النَّاسِ، فَبَقِيَ كَذَلِكَ خَمْسَ سِنِينَ وَلَيْسَ لِدَارِهِ بَابٌ، ثُمَّ إِنَّ شَبَابًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ نَقَبُوا عَلَى ابْنِ الْحَيْسُمَانِ الْخُزَاعِيِّ وَكَاثَرُوهُ، فَنَذِرَ بِهِمْ وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ وَصَرَخَ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ لِلْقُرْبِ مِنَ الْجِهَادِ، فَصَاحَ بِهِمْ أَبُو شُرَيْحٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا وَقَتَلُوا ابْنَ الْحَيْسُمَانِ، وَأَخَذَهُمُ النَّاسُ وَفِيهِمْ زُهَيْرُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَزْدِيُّ وَمُوَرِّعُ بْنُ أَبِي مُوَرِّعٍ الْأَسَدِيُّ، وَشُبَيْلُ بْنُ أُبَيٍّ الْأَزْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ، فَشَهِدَ عَلَيْهِمْ أَبُو شُرَيْحٍ وَابْنُهُ، فَكَتَبَ فِيهِمُ الْوَلِيدُ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ بِقَتْلِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ عَلَى بَابِ الْقَصْرِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَخَذَ فِي الْقَسَامَةِ بِقَوْلِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ عَنْ مَلَإٍ مِنَ النَّاسِ لِيَفْطِمَ النَّاسَ عَنِ الْقَتْلِ.
وَكَانَ أَبُو زُبَيْدٍ الشَّاعِرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فِي بَنِي تَغْلِبٍ، وَكَانُوا أَخْوَالَهُ، فَظَلَمُوهُ دَيْنًا لَهُ، فَأَخَذَ لَهُ الْوَلِيدُ حَقَّهُ إِذْ كَانَ عَامِلًا عَلَيْهِمْ، فَشَكَرَ أَبُو زُبَيْدٍ ذَلِكَ لَهُ، وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ وَغَشِيَهُ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَأَسْلَمَ عِنْدَ الْوَلِيدِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهُ أَتَى آتٍ أَبَا زَيْنَبَ وَأَبَا مُوَرِّعٍ وَجُنْدُبًا، وَكَانُوا يَحْفِرُونَ لِلْوَلِيدِ مُنْذُ قَتَلَ أَبْنَاءَهُمْ وَيَضَعُونَ لَهُ الْعُيُونَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الْوَلِيدَ وَأَبَا زُبَيْدٍ يَشْرَبَانِ الْخَمْرَ، فَثَارُوا وَأَخَذُوا مَعَهُمْ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَاقْتَحَمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَوْا، فَأَقْبَلُوا يَتَلَاوَمُونَ وَسَبَّهُمُ النَّاسُ، وَكَتَمَ الْوَلِيدُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ.
وَجَاءَ جُنْدُبٌ وَرَهْطٌ مَعَهُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ الْوَلِيدَ يَعْتَكِفُ عَلَى الْخَمْرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute