[ذِكْرُ مُلُوكِ الرُّومِ وَهُمْ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ، فَالطَّبَقَةُ الْأُولَى الصَّابِئُونَ]
ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّارِيخِ أَنَّ الرُّومَ غَلَبَتِ الْيُونَانَ، وَهُمْ وَلَدُ صُوفِيرَ، وَالْإِسْرَائِيلِيُّونَ يَدَّعُونَ أَنَّ صُوفِيرَ هُوَ الْأَصْفَرُ بْنُ نَفَرِ بْنِ عِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانُوا يُنْزِلُونَ رُومِيَّةَ قَبْلَ غَلَبَتِهِمْ عَلَى الْيُونَانِ، وَكَانُوا يَدِينُونَ قَبْلَ النَّصْرَانِيَّةِ بِمَذْهَبِ الصَّابِئِينَ، وَلَهُمْ أَصْنَامٌ يَعْبُدُونَهَا عَلَى عَادَةِ الصَّابِئِينَ. فَكَانَ أَوَّلَ مُلُوكِهِمْ بِرُومِيَّةَ غَالِيُوسُ، وَكَانَ مُلْكُهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقِيلَ: كَانَ مَلَكَ قَبْلَهُ رُومَلْسُ وَأَرْمَانُوسُ، وَهُمَا بَنَيَاهَا، وَإِلَيْهِمَا نُسِبَتْ، وَأُضِيفَ الرُّومُ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا غَالِيُوسُ أَوَّلُ مَنْ يُعَدُّ فِي التَّارِيخِ لِشُهْرَتِهِ، ثُمَّ مَلَكَ بَعْدَهُ يُولْيُوسُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ مَلَكَ أُوغُسْطُسُ، وَمَعْنَاهُ الصِّبَاءُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ قَيْصَرَ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ شُقَّ عَنْهُ بَطْنُ أُمِّهِ لِأَنَّهَا مَاتَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ، فَأُخْرِجَ مِنْ بَطْنِهَا، ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ لَقَبًا لِمُلُوكِهِمْ، وَكَانَ مُلْكُهُ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُ الْمُؤَرِّخِينَ يَبْتَدِئُونَ بِاسْمِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ رُومِيَّةَ وَسَيَّرَ الْجُنُودَ بَرًّا وَبَحْرًا، وَغَزَا الْيُونَانِيِّينَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى مُلْكِهِمْ، وَقَتَلَ قُلُوبَطْرَةَ آخِرَ مُلُوكِهِمْ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَنَقَلَ مَا فِيهَا إِلَى رُومِيَّةَ، وَمَلَكَ الشَّامَ، وَاضْمَحَلَّ مُلْكُ الْيُونَانِيِّينَ، وَدَخَلُوا فِي الرُّومِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ هِيرُودَسَ بْنَ أَنْطِيقُوسَ، وَلِاثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ كَانَتْ وِلَادَةُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى قَيْصَارِيَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute