[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣١٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عَزْلِ الْخَاقَانِيِّ عَنِ الْوِزَارَةِ وَوِزَارَةِ الْخَصِيبِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، عُزِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الْخَاقَانِيُّ عَنْ وِزَارَةِ الْخَلِيفَةِ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبَّاسَ الْخَصِيبِيَّ عَلِمَ بِمَكَانِ امْرَأَةِ الْمُحَسِّنِ بْنِ الْفُرَاتِ، فَسَأَلَ أَنْ يَتَوَلَّى النَّظَرَ فِي أَمْرِهَا، فَأَذِنَ لَهُ الْمُقْتَدِرُ فِي ذَلِكَ، (فَاسْتَخْلَصَ مِنْهَا سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَحَمَلَهَا إِلَى الْمُقْتَدِرِ) ، فَصَارَ لَهُ مَعَهُ حَدِيثٌ، فَخَافَهُ الْخَاقَانِيُّ، فَوَضَعَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَسَعَى بِهِ، فَلَمْ يُصْعِ الْمُقْتَدِرُ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا عَلِمَ الْخَصِيبِيُّ بِالْحَالِ كَتَبَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ يَذْكُرُ مَعَايِبَ الْخَاقَانِيِّ، وَابْنِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَعَجْزِهِمَا، وَضَيَاعِ الْأَمْوَالِ، وَطَمَعِ الْعُمَّالِ.
ثُمَّ إِنَّ الْخَاقَانِيَّ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ بِهِ، فَوَقَفَتِ الْأَحْوَالُ، وَطَلَبُ الْجُنْدُ أَرْزَاقَهُمْ، وَشَغَبُوا فَأَرْسَلَ الْمُقْتَدِرُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ، فَحِينَئِذٍ عَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا الْعَبَّاسِ الْخَصِيبِيَّ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِأُمِّ الْمُقْتَدِرِ، فَلَمَّا وَزَرَ كَتَبَ لَهَا بَعْدَهُ أَبُو يُوسُفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ قَدْ تَزَهَّدَ وَتَرَكَ عَمَلَ السُّلْطَانِ وَلَبِسَ الصُّوفَ وَالْفُوَطَ، فَلَمَّا أُسْنِدَ إِلَيْهِ هَذَا الْعَمَلُ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ، فَسَمَّاهُ النَّاسُ الْمُرْتَدُّ.
فَلَمَّا وَلِيَ الْخَصِيبِيُّ أَقَرَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى عَلَى الْإِشْرَافِ عَلَى أَعْمَالِ مِصْرَ وَالشَّامِ، فَكَانَ يَتَرَدَّدُ مِنْ مَكَّةَ إِلَيْهَا فِي الْأَوْقَاتِ، وَاسْتَعْمَلَ الْعُمَّالَ فِي (الْأَعْمَالِ، وَاسْتَعْمَلَ) أَبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute