للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ]

٢١٣ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

وَفِيهَا وَلَّى الْمَأْمُونُ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ الْجَزِيرَةَ، وَالثُّغُورَ، وَالْعَوَاصِمَ، وَوَلَّى أَخَاهُ أَبَا إِسْحَاقَ الْمُعْتَصِمَ الشَّامَ وَمِصْرَ، وَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقِيلَ: لَمْ يُفَرِّقْ فِي يَوْمٍ مِنَ الْمَالِ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ عَبْدُ السَّلَامِ وَابْنُ جَلِيسٍ الْمَأْمُونَ بِمِصْرَ فِي الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَظَهَرَا بِهَا، ثُمَّ وَثَبَا بِعَامِلِ الْمُعْتَصِمِ، وَهُوَ ابْنُ عُمَيْرَةَ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَاذَغِيسِيُّ، فَقَتَلَاهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَسَارَ الْمُعْتَصِمُ إِلَى مِصْرَ، وَقَاتَلَهُمَا، فَقَتَلَهُمَا وَافْتَتَحَ مِصْرَ، فَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عُمَّالَهُ.

وَفِيهَا مَاتَ طَلْحَةُ بْنُ طَاهِرٍ بِخُرَاسَانَ.

وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَأْمُونُ غَسَّانَ بْنَ عَبَّادٍ عَلَى السِّنْدِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بِشْرَ بْنَ دَاوُدَ خَالَفَ الْمَأْمُونَ، وَجَبَى الْخَرَاجَ فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُ شَيْئًا، فَعَزَمَ عَلَى تَوْلِيَةِ غَسَّانَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَخْبَرُونِي عَنْ غَسَّانَ، فَإِنِّي أُرِيدُهُ لِأَمْرٍ عَظِيمٍ. فَأَطْنَبُوا فِي مَدْحِهِ، فَنَظَرَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَحْمَدُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ذَلِكَ رَجُلٌ مَحَاسِنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَسَاوِئِهِ، لَا يُصْرَفُ بِهِ إِلَى طَبَقَةٍ إِلَّا انْتَصَفَ مِنْهُمْ، فَمَهْمَا تَخَوَّفْتَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَنْ يَأْتِيَ أَمْرًا يَعْتَذِرُ مِنْهُ. فَأَطْنَبَ فِيهِ، فَقَالَ: لَقَدْ مَدَحْتَهُ عَلَى سُوءِ رَأْيِكَ فِيهِ. قَالَ: لِأَنِّي كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>