[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَة]
١٢٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ
قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَبِي مُسْلِمٍ، فَقِيلَ: كَانَ حُرًّا، وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ بَشَّارِ بْنِ سَدُوسِ بْنِ جَوْدَزْدَهْ مِنْ وَلَدِ بُزُرْجُمِهْرَ، وَيُكَنَّى أَبَا إِسْحَاقَ، وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ، وَنَشَأَ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ أَوْصَى إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى السَّرَّاجِ فَحَمَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، فَلَمَّا اتَّصَلَ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْإِمَامِ قَالَ لَهُ: غَيِّرِ اسْمَكَ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ لَنَا الْأَمْرُ إِلَّا بِتَغَيِيرِ اسْمِكَ عَلَى مَا وَجَدْتُهُ فِي الْكُتُبِ، فَسَمَّى نَفْسَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُسْلِمٍ، وَيُكَنَّى أَبَا مُسْلِمٍ، فَمَضَى لِشَأْنِهِ وَلَهُ ذُؤَابَةٌ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ بِإِكَافٍ وَلَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَزَوَّجَهُ إِبْرَاهِيمُ الْإِمَامُ ابْنَةَ عِمْرَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطَّائِيِّ الْمَعْرُوفِ بِأَبِي النَّجْمِ، وَهِيَ بِخُرَاسَانَ مَعَ أَبِيهَا، فَبَنَى بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ بِخُرَاسَانَ، وَزَوَّجَ أَبُو مُسْلِمٍ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ مِنْ مُحْرِزِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنَتَهُ الْأُخْرَى أَسْمَاءَ مِنْ فَهْمِ بْنِ مُحْرِزٍ، فَأَعْقَبَتْ أَسْمَاءُ وَلَمْ تُعْقِبْ فَاطِمَةُ، وَفَاطِمَةُ هِيَ الَّتِي تَذْكُرُهَا الْخُرَّمِيَّةُ.
ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ وَمَالِكَ بْنَ الْهَيْثَمِ وَلَاهِزَ بْنَ قُرَيْظٍ وَقَحْطَبَةَ بْنَ شَبِيبٍ تَوَجَّهُوا مِنْ خُرَاسَانَ يُرِيدُونَ مَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْكُوفَةَ أَتَوْا عَاصِمَ بْنَ يُونُسَ الْعِجْلِيَّ وَهُوَ فِي الْحَبْسِ، قَدِ اتُّهِمَ بِالدُّعَاءِ إِلَى وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَمَعَهُ عِيسَى وَإِدْرِيسُ ابْنَا مَعْقِلٍ الْعِجْلِيَّانِ، وَهَذَا إِدْرِيسُ هُوَ جَدُّ أَبِي دُلَفٍ الْعِجْلِيِّ، وَكَانَ حَبَسَهُمَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ مَعَ مَنْ حُبِسَ مِنْ عُمَّالِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ وَمَعَهُمَا أَبُو مُسْلِمٍ يَخْدِمُهُمَا قَدِ اتَّصَلَ بِهِمَا، فَرَأَوْا فِيهِ الْعَلَامَاتِ فَقَالُوا: لِمَنْ هَذَا الْفَتَى؟ فَقَالَا: غُلَامٌ مَعَنَا مِنَ السَّرَّاجِينَ يَخْدِمُنَا، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَسْمَعُ عِيسَى وَإِدْرِيسَ يَتَكَلَّمَانِ فِي هَذَا الرَّأْيِ، فَإِذَا سَمِعَهُمَا بَكَى، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ مِنْهُ دَعَوْهُ إِلَى رَأْيِهِمْ فَأَجَابَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute