[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِمِائَة]
٥٠١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ صَدَقَةَ بْنِ مَزْيَدٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، قُتِلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ، أَمِيرُ الْعَرَبِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْحِلَّةَ السَّيْفِيَّةَ بِالْعِرَاقِ، وَكَانَ قَدْ عَظُمَ شَأْنُهُ، وَعَلَا قَدْرُهُ، وَاتَّسَعَ جَاهُهُ، وَاسْتَجَارَ بِهِ صِغَارُ النَّاسِ وَكِبَارُهُمْ، فَأَجَارَهُمْ.
وَكَانَ كَثِيرَ الْعِنَايَةِ بِأُمُورِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ،، وَالتَّقْوِيَةِ لِيَدِهِ، وَالشَّدِّ مِنْهُ عَلَى أَخِيهِ بُرْكِيارُقَ، حَتَّى إِنَّهُ جَاهَرَ بُرْكِيارُقَ بِالْعَدَاوَةِ، وَلَمْ يَبْرَحْ عَلَى مُصَافَاةِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَزَادَهُ مُحَمَّدٌ إِقْطَاعًا مِنْ جُمْلَتْهِ مَدِينَةُ وَاسِطَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ أَفْسَدَ مَا بَيْنَهُمَا الْعَمِيدُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَلْخِيُّ، وَقَالَ فِي جُمْلَةِ مَا قَالَ عَنْهُ: إِنَّ صَدَقَةَ قَدْ عَظُمَ أَمْرُهُ، وَزَادَ حَالُهُ، وَكَثُرَ إِدْلَالُهُ، وَيَبْسُطُ فِي الدَّوْلَةِ حِمَايَتَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَفِرُّ إِلَيْهِ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ، وَهَذَا لَا تَحْتَمِلُهُ الْمُلُوكُ لِأَوْلَادِهِمْ، وَلَوْ أَرْسَلْتَ بَعْضَ أَصْحَابِكَ لَمَلَكَ بِلَادَهُ وَأَمْوَالَهُ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَدَّى ذَلِكَ حَتَّى طَعَنَ فِي اعْتِقَادِهِ، وَنَسَبَهُ وَأَهْلَ بَلَدِهِ إِلَى مَذْهَبِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَكَذَبَ، وَإِنَّمَا كَانَ مَذْهَبَهُ التَّشَيُّعُ لَا غَيْرَ، وَوَافَقَ أَرْغُونُ السَّعْدِيُّ أَبَا جَعْفَرٍ الْعَمِيدَ وَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَدَقَةَ، وَكَانَتْ زَوْجَةُ أَرْغُوَنَ بِالْحِلَّةِ وَأَهْلُهُ، فَلَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ لَهُ أَيْضًا هُنَاكَ [مِنْ] بَقَايَا خَرَاجٍ بِبَلَدِهِ، فَأَمَرَ صَدَقَةُ أَنْ يَخْلُصَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِأَجْمَعِهِ وَيُسَلَّمَ إِلَى زَوْجَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute