وَأَنَا وَفْدُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ ... فَإِنْ عُمُّوا فَسَلْ بِهِمْ عَرِيفَا
وَلَيْلَةَ قَادِسٍ لَمْ يَشْعُرُوا بِي ... وَلَمْ أُشْعِرْ بِمَخْرَجِي الزُّحُوفَا
فَإِنْ أُحْبَسْ فَذَلِكُمْ بَلَائِي ... وَإِنْ أُتْرَكْ أُذِيقُهُمُ الْحُتُوفَا
فَقَالَتْ لَهُ سَلْمَى: فِي أَيِّ شَيْءٍ حَبَسَكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا حَبَسَنِي بِحَرَامٍ أَكَلْتُهُ وَلَا شَرِبْتُهُ، وَلَكِنَّنِي كُنْتُ صَاحِبَ شَرَابٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنَا امْرُؤٌ شَاعِرٌ يَدِبُّ الشِّعْرُ عَلَى لِسَانِي، فَقُلْتُ:
إِذَا مِتُّ فَادْفِنِّي إِلَى أَصْلِ كَرْمَةٍ ... تُرّوِّي عِظَامِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا
وَلَا تَدْفِنَنِّي بِالْفَلَاةِ فَإِنَّنِي ... أَخَافُ إِذَا مَا مِتُّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا
فَلِذَلِكَ حَبَسَنِي. فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَتَتْ سَعْدًا فَصَالَحَتْهُ، وَكَانَتْ مُغَاضِبَةً لَهُ، وَأَخْبَرَتْهُ بِخَبَرِ أَبِي مِحْجَنٍ، فَأَطْلَقَهُ فَقَالَ: اذْهَبْ فَمَا أَنَا مُؤَاخِذُكَ بِشَيْءٍ تَقُولُهُ حَتَّى تَفْعَلَهُ. قَالَ: لَا جَرَمَ، [وَاللَّهِ] لَا أُجِيبُ لِسَانِي إِلَى [صِفَةِ] قَبِيحٍ أَبَدًا!
[ذِكْرُ يَوْمِ عِمَاسَ]
ثُمَّ أَصْبَحُوا الْيَوْمَ الثَّالِثَ وَهُمْ عَلَى مَوَاقِفِهِمْ، وَبَيْنَ الصَّفَّيْنِ مِنْ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ أَلْفَانِ مِنْ جَرِيحٍ وَمَيِّتٍ، وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ عَشَرَةُ آلَافٍ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَنْقُلُونَ قَتْلَاهُمْ إِلَى الْمَقَابِرِ وَالْجَرْحَى إِلَى النِّسَاءِ، وَكَانَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَحْفِرُونَ الْقُبُورَ، وَكَانَ عَلَى الشُّهَدَاءِ حَاجِبُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَمَّا قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ فَبَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَمْ يُنْقَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute