[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ]
٢٠ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ
ذكر فَتْحِ مِصْرَ
قِيلَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَتْ مِصْرُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةُ أَيْضًا.
وَقِيلَ: فُتِحَتِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: فُتِحَتْ مِصْرُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَتْحُهَا قَبْلَ عَامِ الرَّمَادَةِ، لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حَمَلَ الطَّعَامَ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا فَتْحُهَا فَإِنَّهُ لَمَّا فَتَحَ عُمَرُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَقَامَ بِهِ أَيَّامًا، وَأَمْضَى عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى مِصْرَ، وَاتَّبَعَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ بَابَ الْيُونَ، وَسَارُوا إِلَى مِصْرَ، فَلَقِيَهُمْ هُنَاكَ أَبُو مَرْيَمَ، جَاثَلِيقُ مِصْرَ، وَمَعَهُ الْأُسْقُفُّ بَعَثَهُ الْمُقَوْقِسُ لِمَنْعِ بِلَادِهِمْ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِمْ عَمْرٌو قَاتَلُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: لَا تَعَجَّلُونَا حَتَّى نُعْذِرَ إِلَيْكُمْ، وَلْيَبْرُزْ إِلَيَّ أَبُو مَرْيَمَ وَأَبُو مَرْيَامَ، فَكَفُّوا، وَخَرَجَا إِلَيْهِ، فَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَصِيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَهْلِ مِصْرَ بِسَبَبِ هَاجَرَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالُوا: قَرَابَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يَصِلُ مِثْلَهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ، آمِنَّا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكَ. فَقَالَ عَمْرٌو: مِثْلِي لَا يُخْدَعُ، وَلَكِنِّي أُؤَجِّلُكُمَا ثَلَاثًا لِتَنْظُرَا. فَقَالَا: زِدْنَا، فَزَادَهُمَا يَوْمًا، فَرَجَعَا إِلَى الْمُقَوْقِسِ. فَأَبَى أَرْطَبُونُ أَنْ يُجِيبَهُمَا وَأَمَرَ بِمُنَاهَدَتِهِمْ. فَقَالَ لِأَهْلِ مِصْرَ: أَمَّا نَحْنُ فَسَنَجْهَدُ أَنْ نَدْفَعَ عَنْكُمْ. فَلَمْ يَفْجَأْ عَمْرًا إِلَّا الْبَيَاتُ وَهُوَ عَلَى عُدَّةٍ، فَلَقُوهُ فَقُتِلَ أَرْطَبُونُ وَكَثِيرٌ مِمَّنْ مَعَهُ وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، وَسَارَ عَمْرٌو وَالزُّبَيْرُ إِلَى عَيْنِ الشَّمْسِ وَبِهَا جَمْعُهُمْ، وَبَعَثَ إِلَى فَرَمَا أَبْرَهَةَ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute