[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]
٤٦٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ حَصْرِ أَقْسِيسْ مِصْرَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ أَقْسِيسْ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مِصْرَ، وَحَصَرَهَا، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرَ أَنْ يَمْلِكَهَا، فَاجْتَمَعَ أَهْلُهَا مَعَ ابْنِ الْجَوْهَرِيِّ الْوَاعِظِ فِي الْجَامِعِ، وَبَكَوْا وَتَضَرَّعُوا وَدَعَوْا، فَقَبِلَ اللَّهُ دُعَاءَهُمْ، فَانْهَزَمَ أَقْسِيسْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَعَادَ عَلَى أَقْبَحِ صُورَةٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ، فَوَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ تَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَأَى أَهْلَهَا قَدْ صَانُوا مُخَلَّفِيهِ وَأَمْوَالَهُ، فَشَكَرَهُمْ، وَرَفَعَ عَنْهُمُ الْخَرَاجَ تِلْكَ السَّنَةِ.
وَأَتَى الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ، فَرَأَى أَهْلَهُ قَدْ قَبَّحُوا عَلَى أَصْحَابِهِ وَمُخَلَّفِيهِ، وَحَصَرُوهُمْ فِي مِحْرَابِ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا قَارَبَ الْبَلَدَ تَحَصَّنَ أَهْلُهُ مِنْهُ وَسَبُّوهُ، فَقَاتَلَهُمْ، فَفَتَحَ الْبِلَادَ عَنْوَةً وَنَهَبَهُ، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهِ فَأَكْثَرَ حَتَّى قَتَلَ مَنِ الْتَجَأَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَكَفَّ عَمَّنْ كَانَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَحْدَهَا.
هَكَذَا يَذْكُرُ الشَّامِيُّونَ (هَذَا الِاسْمَ) أَقْسِيسْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَتْسِزْ، وَهُوَ اسْمٌ تُرْكِيٌّ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مُؤَرِّخِي الشَّامِ أَنَّ أَتْسِزْ لَمَّا وَصَلَ إِلَى مِصْرَ جَمَعَ أَمِيرُ الْجُيُوشِ بَدْرٌ الْعَسَاكِرَ، وَاسْتَمَدَّ الْعَرَبَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ أَتْسِزْ، وَقُتِلَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَقُتِلَ أَخٌ لَهُ، وَقُطِعَتْ يَدُ أَخٍ آخَرَ، وَعَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute