وَيَثْرِبُ تَعْلَمُ إِذْ حَارَبَتْ ... بِأَنَّا لَدَى الْحَرْبِ فُرْسَانُهَا
وَيَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِي ... تَ عِنْدَ الْهُزَاهِزِ ذُلَّانُهَا
وَمِنْهَا:
مَتَى تَرَنَا الْأَوْسُ فِي بَيْضِنَا ... نَهُزُّ الْقَنَا تَخْبُ نِيرَانُهَا
وَتُعْطِ الْقِيَادَ عَلَى رُغْمِهَا ... وَتَنْزِلُ مِلْهَامَ عِقْبَانُهَا
فَلَا تَفْخَرَنَّ الْتَمِسْ مَلْجَأً ... فَقَدْ عَاوَدَ الْأَوْسَ أَدْيَانُهَا
[حَرْبُ فَارِعٍ بِسَبَبِ الْغُلَامِ الْقُضَاعِيِّ]
وَمِنْ أَيَّامِهِمْ يَوْمُ فَارِعٍ. وَسَبَبُهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ أَصَابَ غُلَامًا مِنْ قُضَاعَةَ ثُمَّ مِنْ بَلِيٍّ، وَكَانَ عَمُّ الْغُلَامِ جَارًا لِمُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الْأَوْسِيِّ وَالِدِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَتَى الْغُلَامُ عَمَّهُ يَزُورُهُ فَقَتَلَهُ النَّجَّارِيُّ. فَأَرْسَلَ مُعَاذٌ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ: أَنِ ادْفَعُوا إِلَيَّ دِيَةَ جَارِي أَوِ ابْعَثُوا إِلَيَّ بِقَاتِلِهِ أَرَى فِيهِ رَأْيِي. فَأَبَوْا أَنْ يَفْعَلُوا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: وَاللَّهِ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا لَا نَقْتُلُ بِهِ إِلَّا عَامِرَ بْنَ الْإِطْنَابَةِ، وَعَامِرٌ مِنْ أَشْرَافِ الْخَزْرَجِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَامِرًا فَقَالَ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغُ الْأَكْفَاءِ عَنِّي ... وَقَدْ تُهْدَى النَّصِيحَةُ لِلنَّصِيحِ
فَإِنَّكُمُ وَمَا تَرْجُونَ شَطْرِي ... مِنَ الْقَوْلِ الْمُزَجَّى وَالصَّرِيحِ
سَيَنْدَمُ بَعْضُكُمُ عَجَلًا عَلَيْهِ ... وَمَا أَثَرُ اللِّسَانِ إِلَى الْجُرُوحِ
أَبَتْ لِي عِزَّتِي وَأَبَى بَلَائِي ... وَأَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وَإِعْطَائِي عَلَى الْمَكْرُوهِ مَالِي ... وَضَرْبِيَ هَامَةَ الْبَطَلِ الْمُشِيحِ
وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي
لِأَدْفَعَ عَنْ مَآثِرِ صَالِحَاتٍ ... وَأَحْمِيَ بَعْدُ عَنْ عَرْضٍ صَحِيحِ
بِذِي شُطَبٍ كَلَوْنِ الْمِلْحِ صَافٍ ... وَنَفْسٍ لَا تَقَرُّ عَلَى الْقَبِيحِ
فَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ الْيَهُودِيُّ فِي عِرَاضِ قَوْلِ عَامِرِ بْنِ الْإِطْنَابَةِ: