للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ]

٦٥ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ

ذِكْرُ مَسِيرِ التَّوَّابِينَ وَقَتْلِهِمْ

لَمَّا أَرَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ الشُّخُوصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ بَعَثَ إِلَى رُءُوسِ أَصْحَابِهِ فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا أَهَلَّ رَبِيعٌ الْآخِرُ خَرَجَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، وَكَانُوا تَوَاعَدُوا لِلْخُرُوجِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَتَى النُّخَيْلَةَ دَارَ فِي النَّاسِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ عَدَدُهُمْ، فَأَرْسَلَ حَكِيمَ بْنَ مُنْقِذٍ الْكِنْدِيَّ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُصَيْرٍ الْكِنَانِيَّ، فَنَادَيَا فِي الْكُوفَةِ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ! فَكَانَا أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ دَعَوْا: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ.

فَأَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ وَقَدْ أَتَاهُ نَحْوٌ مِمَّا فِي عَسْكَرِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي دِيوَانِهِ فَوَجَدَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا مِمَّنْ بَايَعَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا وَافَانَا مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا إِلَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ.

فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ يُثَبِّطُ النَّاسَ عَنْكَ، إِنَّهُ قَدْ تَبِعَهُ أَلْفَانِ.

فَقَالَ: قَدْ بَقِيَ عَشَرَةُ آلَافٍ، أَمَا هَؤُلَاءِ بِمُؤْمِنِينَ؟ أَمَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ وَالْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ؟ فَأَقَامَ بِالنُّخَيْلَةِ ثَلَاثًا يَبْعَثُ إِلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ.

فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ! إِنَّهُ لَا يَنْفَعُكَ الْكَارِهُ وَلَا يُقَاتِلُ مَعَكَ إِلَّا مَنْ أَخْرَجَتْهُ النِّيَّةُ، فَلَا تَنْتَظِرْ أَحَدًا وَجِدَّ فِي أَمْرِكَ.

قَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ.

ثُمَّ قَامَ سُلَيْمَانُ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ خَرَجَ يُرِيدُ بِخُرُوجِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَالْآخِرَةَ فَذَلِكَ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُ فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَمَنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ الدُّنْيَا فَوَاللَّهِ مَا نَأْتِي فَيْئًا نَأْخُذُهُ وَغَنِيمَةً نَغْنَمُهَا مَا خَلَا رِضْوَانَ [اللَّهِ] ، وَمَا مَعَنَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>