[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة]
١٣٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ خُرُوجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَهَزِيمَتِهِ
قَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى الصَّائِفَةِ فِي الْجُنُودِ، وَمَوْتَ السَّفَّاحِ، وَإِرْسَالَ عِيسَى بْنِ مُوسَى إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ يُخْبِرُهُ بِمَوْتِهِ، وَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، وَكَانَ السَّفَّاحُ قَدْ أَمَرَ بِذَلِكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ الرَّسُولُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بِذَلِكَ لَحِقَهُ بَدُلُوكَ، وَهِيَ بِأَفْوَاهِ الدُّرُوبِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: الصَّلَاةَ جَامِعَةً! فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ بِوَفَاةِ السَّفَّاحِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ.
وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ السَّفَّاحَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُوَجِّهَ الْجُنُودَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ دَعَا بَنِي أَبِيهِ فَأَرَادَهُمْ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَنِ انْتَدَبَ مِنْكُمْ فَسَارَ إِلَيْهِ فَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِي، فَلَمْ يَنْتَدِبْ [لَهُ] غَيْرِي، وَعَلَى هَذَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَتَلْتُ مَنْ قَتَلْتُ، وَشَهِدَ لَهُ أَبُو غَانِمٍ الطَّائِيُّ، وَخُفَافٌ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْقُوَّادِ، فَبَايَعُوهُ، وَفِيهِمْ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ، إِلَّا أَنَّ حُمَيْدًا فَارَقَهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
ثُمَّ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى نَزَلَ حَرَّانَ، وَبِهَا مُقَاتِلٌ الْعَكِّيُّ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَمَّا سَارَ إِلَى مَكَّةَ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ مُقَاتِلٌ، فَحَصَرَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ عَادَ مِنَ الْحَجِّ مَعَ الْمَنْصُورِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَالَ لِلْمَنْصُورِ: إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ ثِيَابِي فِي مِنْطَقَتِي وَخَدَمْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتُ خُرَاسَانَ فَأَمْدَدْتُكَ بِالْجُنُودِ، وَإِنْ شِئْتَ سِرْتُ إِلَى حَرْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ.
فَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ لِحَرْبِ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَارَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي الْجُنُودِ نَحْوَ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ، وَكَانَ قَدْ لَحِقَهُ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فَسَارَ مَعَهُ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَالِكَ بْنَ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute