[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ]
(٣٢)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ
(قِيلَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مَضِيقَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ قَرَظَةَ، وَقِيلَ فَاخِتَةُ) .
ذكر ظَفَرِ التُّرْكِ وَقَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَصَرَتِ الْخَزَرُ وَالتُّرْكُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وَسَبَبُهُ أَنَّ الْغَزَوَاتِ لَمَّا تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ تَذَامَرُوا وَقَالُوا: كُنَّا [أُمَّةً] لَا يُقْرَنُ بِنَا أَحَدٌ، حَتَّى جَاءَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْقَلِيلَةُ فَصِرْنَا لَا نَقُومُ لَهَا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَمُوتُونَ وَمَا أُصِيبَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي غَزْوِهِمْ. وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ غَزُوهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلِهَذَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَفَلَا تُجَرِّبُونَ؟ فَكَمَنُوا لَهُمْ فِي الْغِيَاضِ، فَمَرَّ بِالْكَمِينِ نَفَرٌ مِنَ الْجُنْدِ فَرَمَوْهُمْ مِنْهَا فَقَتَلُوهُمْ، فَتَوَاعَدَ رُءُوسُهُمْ إِلَى حَرْبِهِمْ ثُمَّ اتَّعَدُوا يَوْمًا. وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ عَلَى الْبَابِ: إِنَّ الرَّعِيَّةَ قَدْ أَبْطَرَهَا الْبِطْنَةُ، فَلَا تَقْتَحِمْ بِالْمُسْلِمِينَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُقْتَلُوا. فَلَمْ يَرْجِعْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَقْصِدِهِ، فَغَزَا نَحْوَ بَلَنْجَرَ، وَكَانَ التُّرْكُ قَدِ اجْتَمَعَتْ مَعَ الْخَزَرِ، فَقَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقُتِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذُو النُّورِ، وَهُوَ اسْمُ سَيْفِهِ، فَأَخَذَ أَهْلُ بَلَنْجَرَ جَسَدَهُ وَجَعَلُوهُ فِي تَابُوتٍ فَهُمْ يَسْتَسْقُونَ بِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ انْهَزَمَ النَّاسُ وَافْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً نَحْوَ الْبَابِ، فَلَقُوا سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ قَدْ سَيَّرَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مَدَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute