[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٣٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ قَتْلِ إِيتَاخَ
قَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ مِنْهُ مَعَ الْمُتَوَكِّلِ وَسَبَبَ حَجِّهِ، فَلَمَّا عَادَ مِنْ مَكَّةَ كَتَبَ الْمُتَوَكِّلُ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِبَغْدَاذَ يَأْمُرُهُ بِحَبْسِهِ، وَأَنْفَذَ الْمُتَوَكِّلُ كُسْوَةً وَهَدَايَا إِلَى طَرِيقِ إِيتَاخَ، فَلَمَّا قَرُبَ إِيتَاخُ مِنْ بَغْدَادَ خَرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى لِقَائِهِ، وَكَانَ إِيتَاخُ أَرَادَ الْمَسِيرَ عَلَى الْأَنْبَارِ إِلَى سَامَرَّا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ أَنْ تَدْخُلَ بَغْدَادَ، وَأَنْ يَلْقَاكَ بَنُو هَاشِمٍ، وَوُجُوهُ النَّاسِ، وَأَنْ تَقْعُدَ لَهُمْ فِي دَارِ خُزَيْمَةَ بْنِ خَازِمٍ، وَتَأْمُرَ لَهُمْ بِالْجَوَائِزِ.
فَجَاءَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلَقِيَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا رَآهُ إِسْحَاقُ أَرَادَ النُّزُولَ لَهُ، فَحَلَفَ عَلَيْهِ إِيتَاخُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَكَانَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ غِلْمَانِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَارَ بِبَابِ دَارِ خُزَيْمَةَ وَقَفَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ لَهُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، لِيَدْخُلْ! فَدَخَلَ إِيتَاخُ، وَوَقَفَ إِسْحَاقُ عَلَى الْبَابِ، فَمَنَعَ أَصْحَابَهُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَوَكَّلَ بِالْأَبْوَابِ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْحَرَسَ، فَحِينَ رَأَى إِيتَاخُ ذَلِكَ، قَالَ: قَدْ فَعَلُوهَا، وَلَوْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِبَغْدَاذَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا مَعَهُ وَلَدَيْهِ مَنْصُورًا وَمُظَفَّرًا، وَكَاتِبَيْهِ سُلَيْمَانَ بْنَ وَهْبٍ، وَقُدَامَةَ بْنَ زِيَادٍ، فَحُبِسُوا بِبَغْدَاذَ أَيْضًا.
وَأَرْسَلَ إِيتَاخُ إِلَى إِسْحَاقَ: قَدْ عَلِمْتَ مَا أَمَرَنِي بِهِ الْمُعْتَصِمُ وَالْوَاثِقُ فِي أَمْرِكَ، وَكُنْتُ أُدَافِعُ عَنْكَ، فَلْيُشَفِّعْنِي ذَلِكَ عِنْدَكَ فِي وَلَدَيَّ، فَأَمَّا أَنَا فَقَدَ مَرَّ بِي شِدَّةٌ وَرَخَاءٌ، فَمَا أُبَالِي مَا أَكَلْتُ وَمَا شَرِبْتُ، وَأَمَّا هَذَانِ الْغُلَامَانِ (فَلَمْ يَعْرِفَا الْبُؤْسَ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute