يَصْنَعُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُمْ كَارِهُونَ، كَرِهُوا الْبُثُوقَ وَالْوَحْلَ، فَكَانَتْ عَوْنًا لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ فَاقْتَسَمُوهَا. وَانْصَرَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِخَالِدٍ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى حِمْصَ.
وَمِمَّنْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْحَرْبِ السَّائِبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ.
(فِحْلٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَآخِرُهُ لَامٌ) .
[ذِكْرُ فَتْحِ بِلَادِ سَاحِلِ دِمَشْقَ]
لَمَّا اسْتَخْلَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى دِمَشْقَ، وَسَارَ إِلَى فِحْلٍ - سَارَ يَزِيدُ إِلَى مَدِينَةِ صَيْدَا وَعِرْقَةَ وَجُبَيْلٍ وَبَيْرُوتَ، وَهِيَ سَوَاحِلُ دِمَشْقَ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ أَخُوهُ مُعَاوِيَةَ، فَفَتَحَهَا فَتْحًا يَسِيرًا، وَجَلَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَتَوَلَّى فَتْحَ عِرْقَةَ مُعَاوِيَةُ بِنَفْسِهِ فِي وِلَايَةِ يَزِيدَ. ثُمَّ إِنَّ الرُّومَ غَلَبُوا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ السَّوَاحِلِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ وَأَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، فَقَصَدَهُمْ مُعَاوِيَةُ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ رَمَّهَا وَشَحَنَهَا بِالْمُقَاتِلَةِ وَأَعْطَاهُمُ الْقَطَائِعَ.
وَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ الْخِلَافَةَ وَجَمَعَ لِمُعَاوِيَةَ الشَّامَ وَجَّهَ مُعَاوِيَةُ سُفْيَانَ بْنَ مُجِيبٍ الْأَزْدِيَّ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَهِيَ ثَلَاثُ مُدُنٍ مُجْتَمِعَةٌ، ثُمَّ بَنَى فِي مَرْجٍ عَلَى أَمْيَالٍ مِنْهَا حِصْنًا سُمِّيَ حِصْنَ سُفْيَانَ، وَقَطَعَ الْمَادَّةَ عَنْ أَهْلِهَا مِنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَحَاصَرَهُمْ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ اجْتَمَعُوا فِي أَحَدِ الْحُصُونِ الثَّلَاثَةِ وَكَتَبُوا إِلَى مَلِكِ الرُّومِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُمِدَّهُمْ أَوْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِمَرَاكِبَ يَهْرُبُونَ فِيهَا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ بِمَرَاكِبَ كَثِيرَةٍ رَكِبُوا فِيهَا لَيْلًا وَهَرَبُوا. فَلَمَّا أَصْبَحَ سُفْيَانُ، وَكَانَ يَبِيتُ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي حِصْنِهِ ثُمَّ يَغْدُو عَلَى الْعَدُوِّ، وَجَدَ الْحِصْنَ خَالِيًا فَدَخَلَهُ، وَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَسْكَنَهُ مُعَاوِيَةُ جَمَاعَةً كَثِيرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute