[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ]
١٧٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ ظُهُورِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِالدَّيْلَمِ
(فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بِالدَّيْلَمِ) وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُ، وَكَثُرَ جُمُوعُهُ، وَأَتَاهُ النَّاسُ مِنَ الْأَمْصَارِ، فَاغْتَمَّ الرَّشِيدُ لِذَلِكَ، فَنَدَبَ إِلَيْهِ الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى فِي خَمْسِينَ أَلْفًا، وَوَلَّاهُ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ وَالرَّيَّ وَغَيْرَهَا، وَحَمَلَ مَعَهُ الْأَمْوَالَ، فَكَاتَبَ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَطُفَ بِهِ، وَحَذَّرَهُ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ، وَبَسَطَ أَمَلَهُ.
وَنَزَلَ الْفَضْلُ (الطَّالَقَانَ) ، بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ أَشَبُّ، وَوَالَى كُتُبَهُ إِلَى يَحْيَى، وَكَاتَبَ صَاحِبَ الدَّيْلَمِ، وَبَذَلَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَهِّلَ لَهُ خُرُوجَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
فَأَجَابَ يَحْيَى إِلَى الصُّلْحِ، عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الرَّشِيدُ أَمَانًا بِخَطِّهِ يُشْهِدُ عَلَيْهِ فِيهِ الْقُضَاةَ، وَالْفُقَهَاءَ، وَجِلَّةَ بَنِي هَاشِمٍ، وَمَشَايِخَهُمْ، مِنْهُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ، فَأَجَابَهُ الرَّشِيدُ إِلَى ذَلِكَ، وَسُرَّ بِهِ، وَعَظُمَتْ مَنْزِلَةُ الْفَضْلِ عِنْدَهُ وَسَيَّرَ الْأَمَانَ مَعَ هَدَايَا وَتُحَفٍ، فَقَدِمَ يَحْيَى مَعَ الْفَضْلِ بَغْدَاذَ، فَلَقِيَهُ الرَّشِيدُ بِكُلِّ مَا أَحَبَّ، وَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ.
ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ حَبَسَهُ، فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ، وَكَانَ الرَّشِيدُ قَدْ عَرَضَ كِتَابَ أَمَانِ يَحْيَى عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهِ، وَعَلَى أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الْقَاضِي، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَمَانُ صَحِيحٌ، فَحَاجَّهُ الرَّشِيدُ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَا يَصْنَعُ بِالْأَمَانِ لَوْ كَانَ مُحَارِبًا، ثُمَّ وَلِيَ وَكَانَ آمِنًا؟ وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: هَذَا أَمَانٌ مُنْتَقَضٌ مِنْ وَجْهِ كَذَا، فَمَزَّقَهُ الرَّشِيدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute